صديقي غوفريدو أرينا جراح إيطالي هاجر الى كندا ليتدرب في الجراحة العامة بجامعة ماكماستر لكنه فقد والدته الشابة وهو بسنته الثانية بالتدريب بسبب سرطان القولون! ثم تخصص في زمالة جراحة المناظير في جامعة مكجيل حيث التقيته وكان يسبقني بثلاثة اعوام ثم قام بعمل زمالة زراعة الاعضاء وبعدها تم توظيفه كجراح في جامعة مكجيل! تعرفت عليه عن كثب خلال تدريبي في الجراحة ومن ثم حين كنت زميلا في زراعة الاعضاء وكان هو استشاريا، توطدت بعدها علاقتنا كثيرا! المهم نتشارك كثيرا في نقاشات فلسفية وجراحية وبحثية شتى!! فغالبا ما أترجم له ما أكتب! هو بدأ في الكتابة كذلك وقد أرسل لي هذا النص باللغة الإنجليزية فلم أستطع مقاومة ترجمة النص معنويا وفكريا وليس حرفيا:
ولماذا تفرح كثيرا حين تكتشف شيئا جديدا؟! إن كل شيء تظن أنك وجدته إنما هو موجود قبلك فعلا! يُخَزِّنُهُ الكونُ لَكَ ولا يزيح الستار عنه إلا حين تتخلى عن طبيعتك الأرضية! حين تتحلى بصفات الكون وصفات النجوم العُلى! أنت أَتَيتَ من حَيثُ النجوم والجنات! أنتَ لستَ مخلوقَ هذه الأرض! كل ما في النجوم لديك فاستخدم عقلك لتتصل بمعارف الكون! إن الكون بمعارفه كله داخلك أنت وأمام عينيك!
أنتَ غُبارُ النجومِ أرسلته عظمة الخالق الى هذه الأرض!
كل ليلة أُغلِقُ عَيْنَيْ و أُسافِرُ في مخيلتي عبر هذا الكون الى أن أصل النقطة التي أظن أن الكون ينتهي عندها هناكَ بعيداً حيثُ حدودُ الكون!
ولكنني عند نقطة النهاية تلك أكتشف أنني لست سوى في البدايات!
فَأَفقِدُ نفسي في شُعاعِ النجوم ولمساتِ الجمال فَأَتَذَكَّرُ ما أنا و مَن أكون!
أَسَّمَّعُ همسا عجيبا لم أسمع مثله على هذه الأرض!
همساً أعماقُهُ معجونة بخلاياي مُذ خُلِقَت منذ الأزل! فأبتسم حينها كطِفلٍ تُداعِبُهُ أمُّهُ التي لم يَرَها منذ زمن!
حينَها أُحِسُّ بالمعرفة تقطر على روحي كحبات المطر على أرض صحراءَ جرداءَ قاحلة!
تَهبِطُ القطرَةُ الأولى من المطر فتتلوى وتتبخر ما إن تُلامِسَ حبّاتِ الرمل الساخنة!
هكَذا يُحِسُّ قَلبي حين تهبط عليه معرفة الكون!
أُحِسُّ التوهج الذي تُوَلِّدُهُ المُتَضادات حين تتلاقى وفي غمرة هذا التوهج أتوه حتى أصحو في صباح اليوم الذي يليه دون أعرف ما الذي جرى؟!
ليتني أعرف ما جَرى!