السمنة الآن هي وباء عالمي ينتشر في كل أصقاع الأرض وتشبه في طريقة تفشيها طريقة انتشار الطاعون في القرون الوسطى! نعم لمن يظن أننا محظوظون لعدم وجود الطاعون بزمننا أقول: لا تفرح فالسمنة هنا حولك وبين جدرانك ربما!
كانت القوارض تنقل بكتيريا الطاعون سابقا عبر السفن واليوم تنتقل السمنة بسبب المطاعم الغربية وطريقة الحياة الغربية التي نعيشها بينما لم تُخلق جيناتنا لها أصلا!
ونحن بالخليج نعيش وسط بؤرة السمنة في عين عاصفتها فلدينا أعلى معدلاتها بالعالم وتحتل دولنا قائمة أول عشرة دول بمعدلات وجودها!
ورغم تعدد الخيارات لعلاجها فإن أنجعها العمليات الجراحية فالريجيم والرياضة لا ينفعون كثيرا عندما نتحدث عن الأوزان العالية جداً بكتلة جسم تفوق الخمسة والثلاثين أو الأربعين! وذلك مثبت ببحوث عديدة حيث يفقد أغلب الناس بين ال٥ وال١٠ بالمئة من أوزانهم إلا أن ذلك الوزن يعود خلال سنة فقط.
مشكلة العمليات الجراحية هو مضاعفاتها التي تشمل حتى الموت! ومشكلتها الأخرى هي أنها عندما بدأ تسويقها بدأ تسويقها على أساس أنها عمليات لفقدان الوزن فقط!
السمنة ليست رقما! ليست مجرد حمل على الميزان! السمنة مرض معقد جداً له علاقة بهورمونات الإنسان وخلاياه وجيناته السمنة مرض ميتابولزم! والعمليات هذه لا تؤثر بها عن طريق تقليل أكل المريض بعد العملية بل عن طريق تغيير ميتابولزم الإنسان وهرموناته!
والسمنة ليست تغييرا بالشكل بل مرض خطير يسبب ما يفوق عن الستة عشر مرضا منها:
السرطان
السكري
ارتفاع ضغط الدم
أمراض القلب والشرايين
العقم
إذا هي ليست عمليات لفقدان الوزن وتحسين الشكل فقط رغم أهمية الشكل بل هي عمليات للشفاء من السكري وارتفاع ضغط الدم والعقم وللوقاية من السرطان وأمراض القلب والخطأ الفادح هو أن تسويقها بدأ كعملية للشكل فقط!
والبحوث توالت ببدايات القرن الحالي تثبت أن السمين الذي يجري العملية يعيش أطول من السمين الذي لا يجريها والأول بإثبات ذلك كان نيكولاس كريستو من مكجيل والذي عملت معه. نشر كريستو بحثه بسنة ٢٠٠٤ بمجلة الأنالز أوف سرجري القوية حيث قارن بين مجموعتين من السمان؛ مجموعة قامت بعملية السمنة ومجموعة لم تقم بها ووجد أن نسبة الوفاة بين المجموعة التي قامت بالعملية كانت 0.68%
بينما كانت 16.2% بين السمان الذين لم يقوموا بالعملية خلال خمس سنوات!
الدكتور فلم من سياتل نشر دراسة مشابهة ووجد أن نسبة الوفاة بين السمان الذين لم يجروا عملية السمنة كانت تزيد ب٢٧٪ عن السمان الذين أجروا العملية وذلك خلال ١٥ سنة!
وتظل أقوى الدراسات دراسة مجموعة الأس أو أس من السويد والتي نشرت عام ٢٠٠٧ بالنيو انجلاند جورنال أوف ميديسين أقوى مجلة طبية على الإطلاق والتي ضمت ٤٠٤٧ مريضا ووجدت أن نسبة الوفاة لدى المجموعة السمينة التي لم تجر عملية للسمنة كانت تزيد بنسبة ٢١٪ عن المجموعة السمينة التي قامت بالعملية!
فإذا كانت كل هذه البحوث تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن عمليات السمنة تزيد من عمر الإنسان لماذا لا يزال البعض يعارضها؟ نحن نجري أعقد العمليات كالويپل لسرطان البنكرياس ليعيش المريض بنسبة ١٠٪ خلال ١٠ سنوات فلماذا نعارض عملية تؤدي لزيادة بعمر الإنسان بل وزيادة مع حياة ومعيشة أفضل؟
نعالج السكري بالأدوية ونسبة الشفاء منه بالأدوية والرياضة والحمية لا تفوق ٢٠٪ على سنتين بينما تفوق ال٧٠٪ بعد عملية تحويل المسار؟
الأطباء ومن يعمل بمجال السمنة عليهم جميعا توعية العامة بأهميتها والإلتزام بالبحوث التي هي الحجة الوحيدة بالطب على إي عمل نقوم به!