3

Why does a doctor write?

I frequently get asked by the public and by colleagues in the medical field about my motives or inspirations behind writing, especially when I am blessed to lead a busy academic and operative practice.

I once read a Japanese author answer to his motives behind writing, he said something like this: when I was a kid, I used to go fishing with my father and watching how the fish writhe in pain and flutter once it’s out of the water without making much sound, I wanted to describe the pain that silent fish was having, I wanted to give voice to the silent fish.

I do not recall the name of this great writer, and I am becoming bad with names which I think is a disease common among surgeons. We tend to know the important and big arteries and veins that matter to life and tie off all the unnecessary ones without sometimes even knowing what they are precisely.

What are names really?! They are a way of communication and by no means do they reflect the important which is the identity or the being.

Surgeons do their rounds with faces made of steel, they deal with terminally ill patients without expressing much emotions. This is not a criticism but an observation, and it’s important to keep it this way. Patients need empathy and not sympathy, we are their shining stars, we can not melt down when they are putting all their faith on us.
However, at the end of the day we as surgeons and doctors are nothing but humans. True we pass by a palliative cholangiocarcinoma patient asking him about nausea, pain and vomiting charting down the color and amount of his PTC drain output and vital signs leaving the room to sip some coffee before heading to the operating room for some major cases. True we sip that coffee while the life of the patient we just left can be counted by no more than the time it takes us to drink cups of coffee less than the number of fingers we have, but it is not true that this is not affecting us in one way or another.
It does not have to impact us emotionally but it will find its way silently through the cracks of our souls and get expressed in thousands different ways. Perhaps in a peculiar and silent way resembling the silent fluttering of a fish when it’s in pain out of the water.

That is why I write, to discover how the energy of emotions around us translates into our souls and how can we keep doing what we are doing daily without breaking down.

I write on behalf of the people who resemble the writhing silent fish!

6

إله الحب

قصة الليلة جميلة جدا ومن أروع القصص الإغريقية الرومانسية إطلاقا بل وتعتبر مصدر وحي القصص الرومانسية كلها وهي قصة كيوپيد آلهة الحب و سايكي الجميلة.
كانت سايكي الإبنة الثالثة لأحد الملوك وكان لدى الملك ابنتين أكبر منها لكن سايكي كانت الأجمل إطلاقا وكانت حديث العالم كله!
سمعت ڤينوس آلهة الجمال بجمال سايكي فدَبَّتِ الغيرَةُ والحسد فيها، فاستدعت ابنها إله الحب كيوپيد صاحب الأجنحة والسهام وأمرته أن يضرب سهم الحب في أقبح رجل في الأرض حتى تحبه سايكي بل وتهيمَ بالقبيح حبا.

انطلق كيوپيد لينفذ أوامر أمه لكنه حين رأى وجه سايكي وقع بالغرام فكأنه رمى السهم في نفسه! احتار كيوپد في الأمر فالآلهة ممنوعة من البشر بالذات وهو إله الحب! لكنه لم يستطع مغالبة ذلك! فطلب من أپوللو آلهة النبوءات والشعر والمعرفة والموسيقى أن يقول للملك أب سايكي، أن هناك عذابا مدمرا سيحل بمملكته وأن الحل الوحيد للنجاة من هذا العذاب هو أن تتزوج سايكي من أفعى تعيش بالجبال لكن عليها أن لا تنظر للأفعوان إطلاقا.

بكى الأب الملك والأم؟! كيف يكون هذا مصير ابنتهما الجميلة والأثيرة؟! لكن مصلحة الشعب أهم! فلما صارحا سايكي بالأمر وجدوها شجاعة مُغَلِّبَةً مصلَحَةَ الشعب على نفسها! سارت سايكي في الغابة ثم الى الجبل وانتظرت فأتوها خدم جميلون وحملوها إلى قصر فخم جدا وهناك التقت بزوجها لكنها لم تتطلع فيه.. وشعرت سايكي بالحب العميق له و تيقنت ان زوجها من المستحيل ان يكون أفعى..لكنها لن تنظر اليه حتى لا تخل بالإتفاق!
أراد زوجها أن يسعدها فسمح لها باستقدام أُختَيها للزيارة، لكنه نصحها أن لا تسمع كلام أختيها بالذات ان طلبوا منها أن تنظر الى وجهه وحذرها أنها إن نظرت الى وجهه سيغادر للأبد! فلما جاءت الأختان ذُهِلوا من جمال القصر وكثرة الخدم فشعروا بالحسد تجاه أختِهِما سايكي! فقالوا لها وهي الطيبة التي تصدق كل شيء أن تقتل زوجها لأنه ثعبان هائل وشرير متوحش وفي ذلك نجاة البشرية!
رفضت سايكي ذلك لكنها عقدت العزم أن تتطلع في وجه زوجها تلك الليلة.. فما إن خلد إلى النوم حتى حملت مصباحا ونظرت الى وجهه فإذا به أجمل الآلهة والبشر إطلاقا (إله الحب كيوپيد) فما إن رآها حتى طار من فوره منفذا تهديده قائلا أنه لن يراها إلى الأبد.

أُسقِطَ في يد سايكي واشتعل الحب فيها مضاعفا لزوجها كيوپيد وقررت أن تبحث عنه وترجعه مهما كان الثمن!

ذهبت الى جبال الأولمپ بحثا عن الآلهة الإغريقية وطرقت بابهم واحدا واحدا فلم يلتفت لها أحد خوفا من غضب ڤينوس آلهة الجمال. ڤينوس بدورها علمت بمخالفة كيوپيد لأوامرها فحبسته في سجن! استطاعت سايكي بالنهاية من الإلتقاء بڤينوس الحسودة وطلبت منها إرجاع كيوپيد فاشترطت عليها ڤينوس ثلاث مهمات صعبة: المهمة الأولى أن تفصل أنواعا مختلفة من الحبوب كالقمح والشعير والشوفان اختلطوا ببعض وكانت الكميات هائلة كالجبل، المهمة الثانية أن تجلب لها صوفا من خروف ذهبي نادر والمهمة الثالثة أن تأتي بماء من نهر ستايكس الذي يفصل العالم عن العالم السفلي! سايكي حققت كل هالمهمات المستحيلة حبا بكيوپد! انصدمت ڤينوس وحقدت على نجاح سايكي لكن عطتها مهمة أصعب (لاحظ حولنا من عربي الى كويتي) وكانت هذي المهمة ان تنزل سايكي الى العالم السفلي المخيف وتجلب بعضا من جمال آلهة العالم السفلي پيرسيفون! هذه المهمة كانت شبه مستحيلة لكن سايكي سوتها وخذت شوي من جمال پيرسيفون وحطته بعلبة لكن بالطريج قالت خل آخذ من هالجمال شوي قبل ما أشوف كيوپيد! بطلت العلبة ولا الجمال يتحول الى نوم أزلي! فنامت سايكي من دون ان تقدر انها تقوم من النوم! بنفس الوقت استطاع كيوپد ان يهرب من السجن وبحث عن سايكي الى ان وجدها نائمة واستطاع ان يصحيها وخذاها الى جوپيتر كبير الآلهة وترجاه انه يحول سايكي الى آلهة علشان يقدر يتزوجها وعلشان امه ڤينوس توافق! المهم الكل كان معجب ومنبهر باللي سايكي قدرت تسويه ووافقوا على الزواج! حتى ڤينوس حبتها بعد اللي سوته وعاشوا عيشه سعيدة.

7

لماذا اخترت تخصص الجراحة؟

يسألُني الكثير من طلبة الطب أو الذين تخرجوا حديثاً من الطب عن كيفية اختيار التخصص الأمثل ولا شيء أكثَرَ حيرةً في الطب من اختيار التخصص.. لا أستطيع أن أشرح لكم الليلة كيفية اختيار التخصص لكنني أستطيع أن أحدثكم عن كيفية اختياري لتخصص الجراحة..

هنا قد أخيب ظنكم بعض الشيء.. لم تكن في خططي أبدا أن أكون جراحا.. بل كنت أحب الباطنية منذ أول يوم دخلت فيه الطب.. ذلك أن الباطنية سهلة الفهم نوعا ما وأقرب لما يدرسه الطالب، فكل ما عليك فعله هو القراءة فإن لم تفهم، اقرأ أكثر حتى تفهم.. أما الجراحة فكانت غير مفهومة بالنسبة لي.. هناك فلسفة فيها قد تغيب على أذهاننا كطلبة.. كما أن ما تشاهده في بطن الإنسان الحقيقي يختلف كليا عما تقرأه في كتب التشريح أو تراه في أجساد الأموات التي نشرحها في مادة التشريح.. كرهت في الجراحة الوقوف لساعات طويلة من خلف أجساد الجراحين وهم يجرون العمليات.. كانت رجلي تؤلمني من كثرة الوقوف.. تكون خلفهم ولا ترى شيئا وبعد ثلاث ساعات حين يكتشفون شيئا مميزا يتذكرون وجودك فيستدعونك لتقترب لثوان معدودة حتى تشاهده.. لم أكن أحب غرفة العمليات حين كنت طالبا.. ولذلك تصيبني الدهشة حين أشاهد الطلبة الذين يحبون غرفة العمليات.. ثبتهم الله.

إذاً لماذا اخترت تخصص الجراحة؟ لعدة أسباب بعضها أسباب قد تكون صغيرة جدا وغير مهمة بنظر البعض لكنني أؤمن أن أهم شيء في هذه الحياة هي الأشياء الصغيرة التي قد لا يُقيمُ لها البعض وزناً.. أحدها أن أستاذتي في التشريح كانت روسية تتكلم بلكنة إنجليزية وكأنها إحدى ساحرات الملك آرثر (عمرها كان ٦٥ يمكن) وكان الغموض يملؤها فقالت لي ذات مرة أنني سأكون جراحا لأن يدي تتحرك كأيدي الجراحين.. أعتقد أنها لم تعني ما كانت تقول لكن (قصت علي) وبذرت في عقلي بذرة الجراحة.. ثم كان أكثر من أعجبت بهم في الكلية جراحا شهيرا كان رئيس كلية جراحي أدنبرة البروفسور يونغسون فكان مرشدي منذ اليوم الأول للكلية.. تراه فتكتشف من اللحظة الأولى أنه من صنف آخر من الأطباء.. هدوؤه وهيبته وحنانه مع مرضاه كانت شيئا لا مثيل له.. ونمت علاقتنا كتلميذ وأستاذ حتى كان هو من كتب لي رسالة الترشيح الجميلة التي جعلتني أدخل كمعيد في جامعة الكويت وكطبيب جراحة في جامعة مكجيل.. الدراسات في مجال تخصص الأطباء كلها تشير أن القدوة التي تتخذها في الكلية هي من سيؤثر التأثير الأكبر على تخصصك..

اكتشفت في آخر سنة لي في الكلية الجمال الهائل في هذا التخصص.. كمية الأدرينالين الرهيبة التي تضخها في عروقك خلال عمليات الحوادث الطارئة لا يساويها شيء في أي تخصص آخر حين تسمع صوت الدم من شدة نزفه، هل سمع أحَدٌ منكم صوت الدماء؟.. لا شيء يعادل حماسة تلك العمليات إلا أن تكون جنديا في معركة والرصاص ينهمر حولك من كل حدبٍ وصوب.. تخيل كيف كنت تنزل من قطار الموت في المدينة الترفيهية.. هل تتذكر كمية الأدرينالين في دمك حينها؟ تخيل معي ذات الشعور لكنك يجب أن تتحكم به وتعمل بكل دقة حتى تنقذ من أمامك.. شعور بالجليد والنار في آنٍ واحد.. وهناك فرصة لك أن تكون بطلا في أي وقت في هذا التخصص ففي أي لحظة قد يحدث شيء خارق للعادة ولا أحد سواك مسؤول عن ايقافه! تخصص الجراحة العامة بتفرعاته هو الوحيد الذي سيعطيك هذا الشعور لكثرة عمليات الطواريء فيه فهو التخصص المسؤول عن جراحات الحوادث والكوارث والحروب.. فإن كنت مغامرا.. محبا للتحديات فذلك التخصص الذي لن يخيب ظنك أبدا.. والجميل في الجراحة أنها تخصص رياضي.. تعتمد فيه على الممارسة.. لذلك من الصعب عليك فهمه كطالب للطب لكنك ما ان تمارسه ستكتشف جماله.. وسترى نفسك وهي تتطور بسرعة خيالية.. ستعود طفلا يتعلم المشي (الجراحة) ثم لا يتذكر كيف تعلمه سوى في لحظة يركض فيها ماراثونا قاسيا فيحمد الله الذي جعله يفعل ما فعل بعد أن كان طفلا لا يقوى حتى على المشي..

أما آخر الأسباب وأهمها أن والدتي وخالتي أصيبا بسرطان الثدي في ذات السنة.. حين كنت في سنتي الثالثة في الطب.. فكنت أريد معرفة الإجابات كلها عن ما يجري.. توفيت خالتي رحمها الله بعد انتقال السرطان الى كبدها.. هنا لم أكن أدري لماذا لا يستطيع الجراحون استئصال الكبد حين انتقال السرطان اليه.. فتخصصت بالجراحة والسرطان والكبد حتى أستطيع أن أجيب على أسئلتي حين كنت طالبا.. ولا شيء أجمل في هذه الحياة من العلم بعد جهل.. ولا شيء أجمل من سؤال أمي لي هل تستطيع اجراء ذات العملية التي أجروها لي.. فأجيبها ضاحكا (اسويها وعيني مغمضة).. والحمد لله على كل حال..

0

أول مولود من زراعة رحم

معجزة علمية حدثت للمرة الأولى قبل اسبوعين وتم الإعلان عنها اليوم في مجلة اللانست العلمية العريقة.

ولدت أول امرأة طفلا.. الخبر عادي حتى الآن.. لكن السر في رحم الإمرأة.. رحمها ليس رحمها بل رحم مزروع قبل سنتين من متبرعة حية عمرها ٦١ سنة..

الإمرأة ولدت من دون رحم لذلك لم تكن تستطع الحمل والولادة فقام الأطباء بعمل تلقيح صناعي وزراعة رحم لها ولأن مبايضها موجودة وتعمل فقامت مبايضها بتهيئة الرحم رغم أن عمر الرحم المزروع أكثر من ستين عاما.

و تم الحمل سنة بعد زرع الرحم وولدت طفلا طبيعيا لكن عشرة أسابيع قبل موعد الولادة المقرر وتمت الولادة بعملية قيصرية.

الطفل والأم الآن بالمنزل و رحمها لازال يعمل.. أشرف على هذا السبق الطبي فريق من جامعة غوتنبرغ بالسويد.

أنظر كيف يفعلون المستحيل لأجل إيجاد الحياة وانظر كيف نفعل نحن المستحيل في قتل الحياة..

المهم.. يبيله بعد ما نبلش برنامج زراعة الكبد بالكويت نزرع أرحام👍

1

نحن نحجُّ كما نموت..

ألا ليتَ الشَّجٓر.. هذا الشَّجَرْ.. يحس ببعضِ ما فينا.. إنه قد لا يتذَكَّرُ ولا ينسى بينما نحن نتذكرُ ولا ننسى! وكيف ننسى المرة الأولى التي زرنا فيها ديار الحبيب محمد أم النظرة الأولى لبيت الله العتيق والملايين تتشابه وهي تطوف حوله؟!

ذلك الشعور الملح أن محمدا كان هنا.. وفي كل شبر من تلك الأرض خطوةٌ خطاها وكلمةٌ منه تردَّدَتْ بيت تلك الديار والجدران.. أنه ظل فيها سنوات طوالاً يُعَذَّبُ ويُطارَدُ ويُقتَلُ أصحابه ومن يحب من دون مقاومة حتى أذن الله له بالهجرة والدفاع عن نفسه.. فلما فتحها توجه نحو البيت العتيق عافيا عن كل من ظلمه.. فكانت أول أفعاله العفو وأوضح سجاياه الرحمة والصفح.. ذلك الشعور الملح أن حبيب الله محمدا كان هنا.. أن المحبوب الأول للرب من بين كل البشر.. المحبوب الأول من بين أولئك الذين كانوا وسيأتون.. كان يمشي هنا.. شعورٌ عظيمٌ لا يساويه شيء..

أما الحج ففيه أسرارٌ وفلسفة لا يستطيع مثلي أن يبينها فلست عالما بدين الله وقد لا تكون أفعالي تلك التي تقربني منه.. لكنني أدري أننا نموتُ كما نحج.. نموت لا تكسونا سوى أكفان ذات قماش رخيص الثمن.. نموت وحدنا.. نموتُ غارقين في الوحدة ولو كانت حولنا ألوف المحبين.. نموتُ كلنا متشابهينٓ كما نحج.. فحين يقف القلب ويصفر الوجه وتبرد الأطرافُ تصبح الوجوه متشابهة.. وحتى إن لم تتشابه يوم موتها فإنها حتما تتشابه جدا في القبور بعد أن يبلى الجسد.. نموت كما نحج.. لكننا من دون زادٍ من أفعالنا في ذلك الموت.. فلندخر حب مُحَمَّدٍ زاداً فلا شك أن شفاعته منجية وأن النار وإن استطاعت حرق أجسادنا فإنها تخشى المساس بالروح التي تحوي بين طياتها حب محمد ومن أحب محمدا.. السلام على محمد رسول الله وعلى أحباب محمد من الأولين والآخرين..

6

دراسة الطب المخيفة

أصعب ما بدراسة الطب ليس الطب نفسه بل القلق المصاحب له.. فدائما ما تسأل نفسك هل سأنجح هذه السنة أم لا.. لم أكن أسأل نفسي ما إذا كنت سأتخرج أم لا.. فالتخرج حلم بعيد.. والسبع أو الست سنوات التي كنا سنقضيها في الكلية كانت تساوي ما يقارب أنصافَ أعمارنا حين دخلنا الكلية لذلك كنا نفكر سنةً بسنة!

وحين بدأت دراستي للطب في اسكتلندا كانت لغتي الإنجليزية سيئةً جدا رغم أنها كانت لغتي الأولى قبل العربية حتى نسيتها حين عدت طفلا في الخامسة من أمريكا إلى الكويت.. المهم أنها كانت سيئة جدا لدرجة أني لم أتحدث مع أحد من الطلبة لمدة ثلاث سنوات وذلك مذكور في كتاب التخرج.. لذلك كانت الصعوبة علي مضاعفة ولكي أتخلص من هذا القلق قلت لأبي أنني سأعتبر السنة الأولى فسحة وأنني عائد إلى الكويت لا شك في نهايتها.. عودة لا رجوع بعدها لاسكتلندا.. بل إنني بعد ثلاثة أشهر من الدراسة راسلت كلية طب الأسنان في بوسطن للنظر في كيفية التحويل..

كل ذلك أدى لتقليل القلق.. قلت لنفسي أن هناك أشياء أخرى أستطيع فعلها.. إن لم أصبح طبيبا فتلك ليست نهايةَ العالَم.. الطب ليس أهم شيءٍ في الحياة.. بل إن أهم شيء في الحياة أن أكونَ مطمئناً من دون خوف.. ما فائدة الشهادة هذه إن جعلتني أعتاد القلق والخوف؟! والعيب ليس في السقوط لأول مرة والرجوع إلى الكويت بل العيب كل العيب أن تزول سعادتي من أجل اهتمامي بكلام الناس.. هؤلاء الناس لن يفيدونني في شيء ولن يضروني في شيء أبدا.. وحتى إن عدت من دون نجاحٍ إلى الكويت فذلك ليس من شأنهم إطلاقا.

ثم قمت بتغيير عادات دراستي فبينما كنت لا أدرس إلا ليلة الإختبار في الثانوية قررت أن أدرس ثلاث ساعات يوميا كنت أقضي أغلبها في ترجمة الكلمات بجهاز بدائي جدا عام ٩٨. ولما رأيت ثمار ذلك في نتائجي الدراسية زدت ساعات الدراسة ووجدت أنني كلما زدتها كلما تحسنت النتائج أكثر لكن الأهم من ساعات الدراسة التحكم بالخوف والقلق.

الخلاصة عزيزي طالب الطب.. يجب عليك أن تكون مطمئنا وأن لا تكترث بكلام الناس وأن تتصور أسوأ النتائج من دون أن يثير ذلك فيك شيئا.. فالحياة أكبر وأهم من أن تعيش فيها تعيسا بسبب الخوف من الفشل.. حينها ستنجح وتبدع بكل سهولة ويسر!

2

كان في هذه الدنيا عابرَ سبيل..

هُناكَ من يأتي لهذه الدنيا مثلنا وهناكَ من يأتي ليكون درسا لمن هو مثلنا.. ليكونَ مصدر اطمئنانٍ لنا بأن الخير لا يزول من حولنا وأن السعادة ممكنة من دون الإنقضاض على الدنيا و ما فيها.. هذا النوع من البشر المملوئينَ خيرا لا يزاحمونَ البشر في ما بين أيديهم.. فهم كالغُرَباءِ وعابري السبيل.. تراهم فلا يثير مظهرهم فيكَ شيئا، فلا الصحف تتحدث عنهم ليل نهار ولا كانوا من أولئك الذين يعشقون الأضواءَ وضجيجَ البشر.. هم في الحياة من حولنا ككل الأشياء الجميلة.. فلا يمكن أن تستمر الحياة من دون وجود جمالهم..

هكذا كان الجليل حسن حبيب السلمان.. رجلا لا يعرف مآثره أحد سوى القلة القليلة.. رغم أن عدها وإحصاءها لا يقوى عليه أحد.. فكنتَ تراه هكذا ولا تدري ما هو فعلاً.. ولا تدري جمالَهُ فعلا.. كنجوم الليل وقمر الليل دوماً هنا فنعتبر جمالهم شيئا طبيعيا لا نلتفت له كل يوم.. وكان أعلى ما فيه ليس صوته بل فعله للخير والأيتام و أعظم ما لديه ليس السطوة والحظوة بل ابتسامَةٌ هادئة لا يمكن وصف مفعولها إلا لمن فقدها.. كان عابر السبيل الذي لم يأتِ لهذه الدنيا أو من أجل ما بها.. لأن ما يفعله ليس فعل من يريد المكوث والبقاء فيها..

حين كان مصابا بالذبحة الصدرية التي أدت لوفاته كان يتألم في مقاعد انتظار المستشفى مع زوجته الهادئة جدا كذلك.. وكانت الطبيبة أمامهم تفحص من به التهاب ڤيروسي بسيط فأطالت الطبيبة الحديث مع المريضة فطلبت الزوجة من الطبيبة معاينة الحاج حسن.. فردت الطبيبة أنها مشغولة بمريضتها.. وأنا هنا لا أروي القصة حتى ألوم طبيبته حاشى.. ولكن لأروي رده على زوجته ففي رده اختصارٌ لحياته كلها.. قال الجليل حسن السلمان لزوجته: لماذا طلبتِ من الطبيبة أن تراني.. لا أريد مزاحمة الناس وإزعاجهم!

رغم قدرته باتصال واحد على شحن جيش من الأطباء لم يتصل بأحد.. ولم يشأ إزعاج أحد.. لأنه كان عابر سبيلٍ فعلا..

اتصل بي صديقه العزيز لرؤيته بعد أن انخفض ضغطه وضعف قلبه فلما رأيته مع صديقي جراح القلب محمد البنا في الحادية عشرة ليلا..كان على مشارف الموت.. ذلك كان جليا.. لكن وجهه كان يتحدث.. وإنني أعرف حديث الوجوه المقبلة على الموت.. كان مطمئنا مرتاحا وكأنه يقول أنه اليوم الذي طالما انتَظَرَه وأنه رغم حب الناس له على هذه الأرض فهناك أحبابٌ ورفقاء دربٍ اشتاقت لهم النفس حتى ما عادت تقوى على البقاء هنا في هذه الدنيا.. وأن وقته معنا كان وقت العبورِ فقط لِما سَيَفِدُ عليه الليلة.. فازَ و رب الكعبة..

4

توراندوت

كان لملك الصين ابنةٌ بارعة الجمال.. سماها شاعر فارس الشهير (نظامي).. سمّاها ابنَةَ طوران.. حيث أن طوران أرض كانت تقع في الصين القديمة.. أظنها المحافظة التركية في الصين الآن.. كتب عنها نظامي شعراً جميلا في القرن الثاني عشر.. ترجمه المستشرقون، فأعجبتهم القصة.. حتى كتبها الفيلسوف والأديب الألماني ڤون شيلر قصة كانت تعرض في مسارح الأوپرا في أوروبا القرن الثامن عشر.. ثم لحنها لحناً جميلاً الموسيقار الإيطالي پوچيني في أوپرا سماها (توراندوت).. محرفا إياها من الفارسية (توران دختر).. بالعربية (ابنة طوران)..

القصة أن توراندوت كانت بارعة الجمال لكنها كانت من دون قلب.. كانت قاسيةً جدا حتى أنها شرطت على من يريد الزواج منها أن يجيب على ثلاثة ألغاز.. وإن أجاب الرجل المتقدم إجابة واحدة خاطئة.. أُعدِم بالسيف فوراً أمام الناس!

دخل الأمير التيموري أمام الحشود فوجد أميرا فارسيا يحاول إجابة ألغاز توراندوت فأخطأ بالجواب.. أمرت بقتله.. كان الأمير الفارسي فائق الجمال والأدب فصرخت الحشود مطالبةً الأميرةَ بأن ترحمه.. لكنها رفضت وخرجت من شرفتها لتعطي الأمر بقتله.. فَقُطِعَ رأسُه.. رأى الأمير التيموري جمال توراندوت الفاتن فأحبها من فوره.. وصرخ قائلا: أنا أُجيبُك!

وبينما هو يصرخ وإذا به يرى شيخا عجوزاً أعمى مع جارية جميلة.. كان ذلك الشيخ أبوه الذي حسب أنه مات.. فقبله واحتضنه وأفصح عن هويته.. فرحت الجارية الجميلة التي كانت مع أبيه.. كان اسمها ليو وكانت تحب الأمير لكنها لم تبُحْ بذلك! طلب الأب من ابنه الأمير أن لا يعرض نفسه للقتل بخطبة توراندوت لكن الأمير كان ملسوعاً من حية الحب!

قالت له الأميرة: استمع يا هذا للسؤال الأول:
ما هو الشيء الذي يحيا ليلا ثم يموت في الصباح؟
أطرق الأمير التيموري ثم أجاب (الأمل)!
كانت إجابةً صحيحة فغضبت توراندوت
ثم سألته:
ماهو الشيء الدافيء الذي يتلألأُ أحمراً كالنار، لكنه ليس ناراً؟
أجابها: الدماء
كانت إجابة صحيحة!
ثم كان اللغز الأخير من الأميرة:
ما هو الثلج الذي يحرق كما النار؟
أجابها الأمير: أَنتِ الثلج القاسي الذي يحرق قلبي كاللهب!
غضبت توراندوت.. وهوت إلى الأرض تحت رجلي أبيها الملك طالبةً منه أن يأمُرَ بعدم تزويجها!
لكن الملك رفض قائلا لقد قتلت خيرة الشباب وهذا رجل وفى بما تريدين، لذا من الواجب عليكِ الزواجُ منه!
لما رأى الأمير التيموري ذلك.. قال لها: حسَناً إن كنتِ لا تريدينَني.. فسأُعطيكِ فرصة.. إن جاء الصباح وعرفتِ اسمي ومن أكون فَلَكِ الحَقُّ في رفض الزواج وقتلي بالسيف!

أُسقِطَ في يَدَيْ توراندوت فجلبت مستشاريها والجواسيس.. فقال لها أحدهم أنه رأى التيموري يتحدث لرجل أعمى وجاريته!
جلبوا لها أبَ التيموري الأعمى والجارية ليو.. فرفضوا الإفصاح عن من يكون التيموري.. فعذبتهم.. ثم رفضوا مرة أخرى.. فعذبوهم عذاباً شديدا.. فرفضوا مرة أخرى..

فعذبت توراندوت بنفسها الجارية ليو.. وسألتها: لماذا ترفضين الإفصاح عن اسمه؟
قالت ليو: لأن في قلبي شيئا لا يمكن لمثلك أن يعرفه.. إن في قلبي الحب له.. وأنت مسلوبةٌ من الحب والرحمة!
غضبت توراندوت غضباً جمّاً من إجابةِ ليو.. فَقَتَلَتْها! ثم ندمت ندما عظيماً!
علم الأمير التيموري بذلك فاتجه إليها.. نظر في عينيها فشعرت شعوراً غريباً.. قال لها: سأجعل نفسي تحت رحمتك فإن أعلنت اسمي أمام الناس تستطيعين قتلي إن شئتِ وإلا فالزواج.. اسمي كَلافْ الأمير التيموري..
ولما جاء الصباح.. وقفت توراندوت من على شرفتها أمامَ الجُموع وقالت: إنني أعرف اسمه!
أركَعَ الحراس الأميرَ التيموري استعدادا لقطع رأسه حالما تجهر الأميرة بالإسم!
اشرأبَّتْ أعناقُ النَّاسِ نحو فم الأميرة توراندوت لسماع اسم الأمير!

فصرخت توراندوت: إن اسمَهُ الحب! إنني أحبَبْتُهُ فذابَ السَّوادُ من قلبي!

1

كتبت عن يارا الجميلة

لم تَكُنْ تدري وهي تَلبَسُ هذا الثَّوْبَ.. كم مرةٍ بعدها سترتديه.. ولم تكن تدري متى ستكون أعظم مناسبةٍ ترتدي فيها مثل هذا الثوب الأبيض.. ولعلها.. أقولُ ولعلها سَرَحَتْ في فكرها بعيداً وهي تحدق بكل هذا الجمالِ في هذه الصورة.. سرحت.. حتى تخيلت فارسها الذي سَيُمْسِكُ بِيَدِها حينَ ترتدي الثوبَ الأبيَضَ الحقيقي الذي يشبه ما شاهدته أو سمعت عنه في أساطير الأميراتِ وغيرهن! وتَمَثَّلَت أباها.. صبغَتْ بعضَ شَعْرِهِ لَوْناً كاللؤلؤِ أبيَضاً.. حتى تعطي حلمها عن عُرسِها قليلاً من الواقع.. تمثلت أباها سعيداً وهو يزفها لفارس الأحلامِ ذاك..
لكنني لا أدري.. ما الذي تفكرت به في اللحظاتِ التيّ سَبَقَتْ مَوْتَها.. يارا قتلها الصهاينةُ قبلَ يَوْمَيْن.. فقتلوا فيها كل ذلك الجمال والأحلام.. فكانَ شعر أبوها أسوَداً يَوْمَ عرسها.. لم يكن كما اللؤلؤ!

She had no idea when she was wearing this dress, how many times in the future would she wear it again. She did not know when is the most important (white dress) occasion would come..
I bet that she daydreamed when she took this picture with all this beauty of that day.. I bet she did!
She day dreamt that he took her hand.. A handsome gentleman like those she saw in fairy tales.. After all she looks like a fairy tale princess and she only deserves her match! She also imagined her dad.. But she painted his hair with a pearly color.. To give some reality to her dream.. She imagined that it was her dad most happy day ever!
I do not know however, what she thought about moments before she was killed.. Yara was killed by the Israelis two days ago.. They killed all this beauty cold blooded.. Her dad hair color was black during her wedding in the skies.. It was not pearl colored like she imagined!

4

لإبني ذي الثماني سنوات

ستلتقي يا بُنَيَّ بأشياءَ كثيرةٍ حينَ تَكبُرْ.. أشياءَ رغم خيالكَ الواسعِ هذا لم تَكُنْ تتصور أنها سَتوجَدْ.. ليس من فرطِ جمالها بل من فرط شرورها.. ليست الحياة كما يصورونها لك فيما تحب مشاهدته.. إنها لا تنتهي بالنهايات السعيدةِ إلاّ نادراً.. وإن أبطالَ الخيرِ فيها ليسوا بقوة أشرارها.. إنهم أقل مالاً وعتاداً ونفوذاً.. كما أنهم لا يلبسونَ من تلك الملابس الملونة الفاخرة التي تعشق شراءها! بل إنك كلما رأيتَ مزركَشاً حلو الكلامِ فخرَ الثيابِ فعليكَ الحَذَرُ منه! إن خيرَ هذا العالمِ في البُسَطاءِ والفُقَراءِ الذينَ لا يعرفهم أحد.. أولئكَ الَّذِينَ يَرحَلونَ دونَ صَخَبٍ كشمسِ الصباح وقمر هذا الليل..

و إن أكثر الأشياءِ جمالاً في هذه الحياة أكثَرُها قُبْحاً و أكثَرُها نَفعاً أكثرُها ضرَراً وأكثرُها حلاوَةً أكثرُها مرارة.. وهكذا الناس.. سيكونونَ أكثَرَ من يجلب لَكَ الحزن.. لكنَّ بعضَهُم سيكونُ أكثَرَ من يجلب لك السعادة.. لذا كانت أعظم الفنون التي عليك تعلمها فنون مخالطةِ البشر.. أدري عشقك للحيوان.. لكن مخالطة الحيوانات أسهل بكثير من مخالطة البشر وإن شئت أن ترى ذلك بأم عينيك فما عليكَ إلا أن تَكبُرْ!

يقول الشاعر الإنجليزي الحائز على نوبل (كيپلينج) في قصيدته (إف) لإبنه: يا بني لن تكون رجلا إلا حين تخالط البشر ولا تتغير للأسوأ!

لكنك لن تكون حزيناً فالحصول على السعادة سهل جدا لكنه يحتاج ألف شيء صغير لا تحس به.. منها أن تستمتع برائحة الأرض هذه بعد أن غسلتها مياه المطر، ومنها أن تقبل أطفالك كل ليلة ومنها أن لا تشتكي كثيرا من سوء طعام المطعم الذي سيصطحبك إليه صديقك!

واعلم أن أسوأ أيامكَ قد فات.. حين قبضت عليك عرياناً مختنقاً أزرَقَ اللون.. حتى أننا احتجنا الطبيب ليجعلك تتنفس.. وما إن دخل الهواء جوفك حتى أطلقتَ صرخةً عالية أسأل الله في هذه الليلة أن لا تُطلِقَ مثلها أبدا!
وإن نظرت إلى كل الأشياء بعين الرضا… إن استطعت أن ترى الشيء القبيح فتتذوق الجمال الذي فيه فقط كمن يأكل الشوكولاته المغلفة بالملح فلا يحس إلا بحلاوتها من دون الملوحة! إن استطعت فعل ذلك فإن الله سيجعل كل الأشياء الصغيرة حولك مصدر سعادة هائل… حينها فقط ستنام قرير العين!