6

إله الحب

قصة الليلة جميلة جدا ومن أروع القصص الإغريقية الرومانسية إطلاقا بل وتعتبر مصدر وحي القصص الرومانسية كلها وهي قصة كيوپيد آلهة الحب و سايكي الجميلة.
كانت سايكي الإبنة الثالثة لأحد الملوك وكان لدى الملك ابنتين أكبر منها لكن سايكي كانت الأجمل إطلاقا وكانت حديث العالم كله!
سمعت ڤينوس آلهة الجمال بجمال سايكي فدَبَّتِ الغيرَةُ والحسد فيها، فاستدعت ابنها إله الحب كيوپيد صاحب الأجنحة والسهام وأمرته أن يضرب سهم الحب في أقبح رجل في الأرض حتى تحبه سايكي بل وتهيمَ بالقبيح حبا.

انطلق كيوپيد لينفذ أوامر أمه لكنه حين رأى وجه سايكي وقع بالغرام فكأنه رمى السهم في نفسه! احتار كيوپد في الأمر فالآلهة ممنوعة من البشر بالذات وهو إله الحب! لكنه لم يستطع مغالبة ذلك! فطلب من أپوللو آلهة النبوءات والشعر والمعرفة والموسيقى أن يقول للملك أب سايكي، أن هناك عذابا مدمرا سيحل بمملكته وأن الحل الوحيد للنجاة من هذا العذاب هو أن تتزوج سايكي من أفعى تعيش بالجبال لكن عليها أن لا تنظر للأفعوان إطلاقا.

بكى الأب الملك والأم؟! كيف يكون هذا مصير ابنتهما الجميلة والأثيرة؟! لكن مصلحة الشعب أهم! فلما صارحا سايكي بالأمر وجدوها شجاعة مُغَلِّبَةً مصلَحَةَ الشعب على نفسها! سارت سايكي في الغابة ثم الى الجبل وانتظرت فأتوها خدم جميلون وحملوها إلى قصر فخم جدا وهناك التقت بزوجها لكنها لم تتطلع فيه.. وشعرت سايكي بالحب العميق له و تيقنت ان زوجها من المستحيل ان يكون أفعى..لكنها لن تنظر اليه حتى لا تخل بالإتفاق!
أراد زوجها أن يسعدها فسمح لها باستقدام أُختَيها للزيارة، لكنه نصحها أن لا تسمع كلام أختيها بالذات ان طلبوا منها أن تنظر الى وجهه وحذرها أنها إن نظرت الى وجهه سيغادر للأبد! فلما جاءت الأختان ذُهِلوا من جمال القصر وكثرة الخدم فشعروا بالحسد تجاه أختِهِما سايكي! فقالوا لها وهي الطيبة التي تصدق كل شيء أن تقتل زوجها لأنه ثعبان هائل وشرير متوحش وفي ذلك نجاة البشرية!
رفضت سايكي ذلك لكنها عقدت العزم أن تتطلع في وجه زوجها تلك الليلة.. فما إن خلد إلى النوم حتى حملت مصباحا ونظرت الى وجهه فإذا به أجمل الآلهة والبشر إطلاقا (إله الحب كيوپيد) فما إن رآها حتى طار من فوره منفذا تهديده قائلا أنه لن يراها إلى الأبد.

أُسقِطَ في يد سايكي واشتعل الحب فيها مضاعفا لزوجها كيوپيد وقررت أن تبحث عنه وترجعه مهما كان الثمن!

ذهبت الى جبال الأولمپ بحثا عن الآلهة الإغريقية وطرقت بابهم واحدا واحدا فلم يلتفت لها أحد خوفا من غضب ڤينوس آلهة الجمال. ڤينوس بدورها علمت بمخالفة كيوپيد لأوامرها فحبسته في سجن! استطاعت سايكي بالنهاية من الإلتقاء بڤينوس الحسودة وطلبت منها إرجاع كيوپيد فاشترطت عليها ڤينوس ثلاث مهمات صعبة: المهمة الأولى أن تفصل أنواعا مختلفة من الحبوب كالقمح والشعير والشوفان اختلطوا ببعض وكانت الكميات هائلة كالجبل، المهمة الثانية أن تجلب لها صوفا من خروف ذهبي نادر والمهمة الثالثة أن تأتي بماء من نهر ستايكس الذي يفصل العالم عن العالم السفلي! سايكي حققت كل هالمهمات المستحيلة حبا بكيوپد! انصدمت ڤينوس وحقدت على نجاح سايكي لكن عطتها مهمة أصعب (لاحظ حولنا من عربي الى كويتي) وكانت هذي المهمة ان تنزل سايكي الى العالم السفلي المخيف وتجلب بعضا من جمال آلهة العالم السفلي پيرسيفون! هذه المهمة كانت شبه مستحيلة لكن سايكي سوتها وخذت شوي من جمال پيرسيفون وحطته بعلبة لكن بالطريج قالت خل آخذ من هالجمال شوي قبل ما أشوف كيوپيد! بطلت العلبة ولا الجمال يتحول الى نوم أزلي! فنامت سايكي من دون ان تقدر انها تقوم من النوم! بنفس الوقت استطاع كيوپد ان يهرب من السجن وبحث عن سايكي الى ان وجدها نائمة واستطاع ان يصحيها وخذاها الى جوپيتر كبير الآلهة وترجاه انه يحول سايكي الى آلهة علشان يقدر يتزوجها وعلشان امه ڤينوس توافق! المهم الكل كان معجب ومنبهر باللي سايكي قدرت تسويه ووافقوا على الزواج! حتى ڤينوس حبتها بعد اللي سوته وعاشوا عيشه سعيدة.

4

لإبني ذي الثماني سنوات

ستلتقي يا بُنَيَّ بأشياءَ كثيرةٍ حينَ تَكبُرْ.. أشياءَ رغم خيالكَ الواسعِ هذا لم تَكُنْ تتصور أنها سَتوجَدْ.. ليس من فرطِ جمالها بل من فرط شرورها.. ليست الحياة كما يصورونها لك فيما تحب مشاهدته.. إنها لا تنتهي بالنهايات السعيدةِ إلاّ نادراً.. وإن أبطالَ الخيرِ فيها ليسوا بقوة أشرارها.. إنهم أقل مالاً وعتاداً ونفوذاً.. كما أنهم لا يلبسونَ من تلك الملابس الملونة الفاخرة التي تعشق شراءها! بل إنك كلما رأيتَ مزركَشاً حلو الكلامِ فخرَ الثيابِ فعليكَ الحَذَرُ منه! إن خيرَ هذا العالمِ في البُسَطاءِ والفُقَراءِ الذينَ لا يعرفهم أحد.. أولئكَ الَّذِينَ يَرحَلونَ دونَ صَخَبٍ كشمسِ الصباح وقمر هذا الليل..

و إن أكثر الأشياءِ جمالاً في هذه الحياة أكثَرُها قُبْحاً و أكثَرُها نَفعاً أكثرُها ضرَراً وأكثرُها حلاوَةً أكثرُها مرارة.. وهكذا الناس.. سيكونونَ أكثَرَ من يجلب لَكَ الحزن.. لكنَّ بعضَهُم سيكونُ أكثَرَ من يجلب لك السعادة.. لذا كانت أعظم الفنون التي عليك تعلمها فنون مخالطةِ البشر.. أدري عشقك للحيوان.. لكن مخالطة الحيوانات أسهل بكثير من مخالطة البشر وإن شئت أن ترى ذلك بأم عينيك فما عليكَ إلا أن تَكبُرْ!

يقول الشاعر الإنجليزي الحائز على نوبل (كيپلينج) في قصيدته (إف) لإبنه: يا بني لن تكون رجلا إلا حين تخالط البشر ولا تتغير للأسوأ!

لكنك لن تكون حزيناً فالحصول على السعادة سهل جدا لكنه يحتاج ألف شيء صغير لا تحس به.. منها أن تستمتع برائحة الأرض هذه بعد أن غسلتها مياه المطر، ومنها أن تقبل أطفالك كل ليلة ومنها أن لا تشتكي كثيرا من سوء طعام المطعم الذي سيصطحبك إليه صديقك!

واعلم أن أسوأ أيامكَ قد فات.. حين قبضت عليك عرياناً مختنقاً أزرَقَ اللون.. حتى أننا احتجنا الطبيب ليجعلك تتنفس.. وما إن دخل الهواء جوفك حتى أطلقتَ صرخةً عالية أسأل الله في هذه الليلة أن لا تُطلِقَ مثلها أبدا!
وإن نظرت إلى كل الأشياء بعين الرضا… إن استطعت أن ترى الشيء القبيح فتتذوق الجمال الذي فيه فقط كمن يأكل الشوكولاته المغلفة بالملح فلا يحس إلا بحلاوتها من دون الملوحة! إن استطعت فعل ذلك فإن الله سيجعل كل الأشياء الصغيرة حولك مصدر سعادة هائل… حينها فقط ستنام قرير العين!

4

زيف الحب

وعندما تراه سترى كل شيء.. أول خيطٍ من أشعة الشمس حين تخرج منها متجهةً للأرض.. مَنظَرَ الحقول بعد مواسمِ الحصادْ والأطفالَ بعد غُسلِهُمُ الأول.. حينَ تراه سيجيبك على كل الإجابات التي كُنتَ تحتارُ فيها من دونِ أن تنطِقَ شفتيه! سؤالُكَ ما هو الحب؟ ولماذا خلق الله الحب؟ ذلك السؤال سيكون أول الأسئلة جواباً!

ويَقولُ هيسيود مؤرخ الإغريق أن الرب خلق الأرض ثم خلق الحب بعدها مباشرة حتى تستمر الأرض في البقاء والحياة.. فكانوا الأرض والحب أول مخلوقات الرب!

وأنت لا تحب من تحب فعلا وإنما تحب الصورة التي صوَّرَتْها نفسُكَ لمن تحب.. لذلك كانت بدايات الحب أجمَلَها لأنك حينها تكون في علاقة مع مخلوقٍ من خيالِكَ لا وجودَ له على أرضِ الواقع.. لذلك فإن بدايات الحب في الواقع ليست حبا وإنما شيءٌ زائف.. كالسَّرابِ الذي تسعى إليه فتمضي حتى تكتشف أنه ليس سوى صورةٍ في خيالك فقط! قرأتُ ذاتَ مرة أن أكثر قاتلٍ للإعجاب هو التعرف على الشخص الذي يُعجِبُكْ.. لأننا كلنا فعلا بسيطون عاديون ممتلؤونَ بالعيوب.. والإعجاب مرحلةٌ من الخيال المزيف.. تقتله سريعا شخصياتنا الحقيقية العادية نحن بني البشر!

ولذلك قيل أن الحب أعمى.. لأنه بالفعل أعمى حيث أنك في علاقةٍ مع خيالكَ فقط، لا ترى فيها من تحب فعلا.. لكن الحب الحقيقي الذي خلقه الله.. حب عظيمٌ جدا.. يتجلى بعضه أحيانا بين البشر، رغم أن الغرض الرئيسي منه ليس علاقات البشر.. ولا يتجلى إلا بعد زوال مرحلة الحب المزيف التي تسمى بدايات الحب!

فاعلم يا صديقي أن الذي يحبك فعلا هو ذلك الذي يحبك رغم معرفته أنك عادي جدا، والذي يحبك رغم معرفته بعيوبكَ كلها.. فذلك الحب حقيقيٌّ جدا ونادر الوجود جدا!

أما أنتَ فكل ما كَتَبْتُ لا ينطبق شيءٌ منه عليك.. حبك خاص جدا.. إنه شيءٌ آخرَ من مكانٍ آخَرْ.. حبك ليس حبا لكن اللغة احتارت فلم تجد له إسماً.. حبك هو ذلك الذي خلقه الله بعد خلق الأرض حتى تستمر في الحياة وتستمر الشهب في سفرها والنجوم في بريقها وقلبي في الخَفَقان!

0

لو نسيتَني.. ترجمتي لمقاطع من قصيدة پابلو نيرودا

لو نسيتني

يقول پابلو نيرودا شاعر شيلي الشهير في قصيدته (لو نسيتني):

لو كنت تدري.. حين أنظر للقمر.. حين أنظر في الأغصان الحمراء حين يمر الخريف بطيئا على نافذتي..
حينَ ألمَسُ الرمادَ على جذع الشجرة الذي يحترق في مدفأتي
كل شيء باللمس أو بالنظر يحملني إليك
النور ورائحة الأروما والمعادن النفيسة
كلها
وكأنها
مراكب صغيرة تُبحِرُ بي إلى الجزر التي تنتظرني فيها!

ولو بدأت تحبني أقل فأقل فأقل
سأحبك أقل فأقل فأقل

ولو فجأةً نسيتني.. أرجوكَ لا تفكر بالبحث عني..
فحينها أكون قد نسيتُكَ أكثَرَ فأكثر!

وحين تتركني على الشاطيءِ حَيثُ قلبي يضرب جذرَه
تذكَّر
أنني في لحظةٍ واحدة
في اللحظة التي تفكر أن تتركني فيها
في الساعة التي تتركني فيها
في اليوم الذي تتركني فيه
سأقتلع جذوري من على شاطئك وأرحل بها إلى أرضٍ أجمَلَ وأكثَرَ حبا!

0

أوليسيوس و النسيان أو الشوق لذلك الذي يغيب

ما هو سر الغياب؟
فالنسيان يبدأ به
لكن الشوق يبدأ به كذلك
فلماذا نشتاق لبعض ما يخفيه الغياب وننسى بعضه الآخر؟
يقول الفيلسوف الفرنسي بارتيز أن الشوق هو المسافة بين الغياب وبين معرفتنا أن من غاب لم يعد كما كان! أي أن النسيان يبدأ حين نعرف أن من غاب لم يعد ذلك الذي غاب..
وقد قرأتُ ذات مرة أن أقسى عذابات الدنيا هي انتظار من لا يأتي.. إنتظار ذلك الذي غابَ لكنه تغير بفعل ما فلم يعد كما كان..

الإلياذة والأوديسي من أعظم كتب التاريخ وأقدمها وتحكي حروب الإغريق مع طروادة.. أحد أعظم أبطالها (أوديسيوس) أو (أوليسيس) بالرومانية.. حيث كان محاربا ودبلوماسيا ورجلا متعدد المواهب..
أوديسيوس ملك إثاكا وزوج احد اشهر الجميلات (پينوليپي) اتجه لحرب طروادة مع جيوش الإغريق وكان له الفضل في اكتشاف المحارب آخيل كما أنه هو من انتزع جثة آخيل بعد أن قتله پاريس رغم كثرة الأعداء الذين كانوا يمنعونه.. ثم كان أوديسيوس نفسه صاحب فكرة بناء حصان طروادة الذي جعل الإغريق ينهون الحرب لصالحهم..

أما أجمل وأشهر قصصه هو عودته مع أصحابه بعد انتهاء الحرب الى مدينتهم إثاكا.. حيث استمرت عشرة أعوام كاملة!

فبعد أن ترك طروادة توجه مع جيشه الصغير من أصحابه إلى إزمره فاحتلوها وأخذوا غنائمهم لكنهم في الصباح تفاجؤوا بهجوم كثيف عليهم فنجحوا بالهرب لكنهم فقدوا الكثير من رجالهم.. ثم أبحروا بإثنتي عشرة سفينة ففاجأتهم عاصفة رمت بهم على أرض تنتشر بها نباتات اللوتس ويقتات سكانها على هذه النباتات فقط وبينما هم في تلك الأرض وإذا بالوحش السايكلوب يقبض عليهم ويأكل بعضا من رجالهم، وهذا الوحش هو ابن پوسايدون إله البحار لكنه بعين واحدة فقط في رأسه.. ولما رأى الخمر في متاع أوديسيوس شرب الوحش الخمر كله فنام.. أتى أوديسيوس ففقأ عين الوحش الوحيدة فأصبح أعمى لا يرى.. اشتكى الوحش لأبيه من أوديسيوس.. واستمرت مقارعة أوليسيوس لتلك الوحوش حتى عاد إلى إثاكا بعد أن عانى الأمرين.. فوجد الرجال يحاولون الإيقاع بزوجته الجميلة لكنها كانت ترفضهم ولم يعرفه أحد في تلك المدينة فقد تغير وجهه بفعل السنين والحروب.. وبينما كان يسير في أزقة المدينة عوى كلبٌ عجوز.. نظر إليه أوليسيوس وإذا به كلبه الوفي (آرغو).. ذلك البطل الشجاع المغوار لم يتعرف إليه أحد سوى كلبه آرغو..

وهكذا يكون الغياب.. مناسبة للشوق من البعض وفرصة للنسيان من البعض الآخر..

فيا صديقي لا تنسى ذلك الذي كان يملؤ حياتك بالجمال.. لا تنساه..فربما كان هو يذكرك حتى حين نَسيتَه.. لا تنساه! حتى الكلاب لا تنسى أصحابها!

3

لا تبكي هنا

هذه القصيدة لأمريكية تدعى ميري فري.. لم تكتب في حياتها شعرا سوى هذه القصيدة.. قصتها أن جارتها كانت تبكي في أمريكا لأنها لم تستطع حضور آخر أيام أمها في ألمانيا.. وكانت تتمنى أن تزور قبر أمها لتسيل بعض الدمع عليه.. لم يكن لدى ميري فري سوى كيس ورقي فكتبت عليه من فورها هذه القصيدة التي ترجمتها بتصرفي من الإنجليزية:

لا تقف على هذا القبر وتبكي علي

أنا لست هنا.. أنا لا أنام هنا..

أنا آلاف الرياح تهب على وجنتيك

أنا بريق السماء على تلك الثلوج

أنا شعاع الشمس يحنو على تلك السنابل

أنا أمطار الخريف الهادئة

وعندما تصحو من نومك في الصباح.. أنا اليقظة التي ترفعك

أنا أسراب الطيور والنجوم التي تلألأُ ليلا في السماء

لا تقف على قبري وتبكي.. أنا لست هنا.. أنا لا أموت!

ومن أشهر اللحظات التي ألقيت فيها هذه القصيدة هي في جنازة شاب قتيل إثر انفجار قنبلة في ايرلندا الشمالية حيث ألقاها أبوه بعد أن وجدها في ممتلكات ابنه، وهذه هي القصيدة بالإنجليزية حيث إنها من أروع ما قرأت:

Do not stand at my grave and weep

I am not there; I do not sleep

I am a thousand winds that blow,

I am the diamond glints on snow,

I am the sunlight on ripened grain,

I am the gentle autumn rain.

When you awaken in the morning’s hush

I am the swift uplifting rush

Of quite birds in circled flight.

I am the soft stars that shine at night.

Do not stand at my grave and cry,

I am not there; I did not die

3

محمد

جمالُ عينيك هاتَيْنِ يَقْتُلُني فلا تُحييني سوى شفتيك!
فبِكَ الداّءُ وعلى شفتيك الشفاء!

وقبل رؤيتك كنت أعلم أن كل شيءٍ قد يُسرَقُ مني لكنني لم أكن أعلم أن القلبَ يُسرَقُ إلا حينَ رأيتُكْ!
وحينَ يتراقص قلبي أمام جمالك أتساءلُ كيفَ لهذا القَمَرِ الذي هو علياء السماء! كيف له أن يملك أمره ويظل في مكانه دون رغبة منه في النزول إلى جمالك؟!

ومن بين آلاف الصفات البشرية جذبني جمالك… تلك الصفة التي أحسبها كاملةً فيك ولا أدري عن باقي صفاتك!

فما بالُكَ بمن هو كاملُ الصفات؟ بذلكَ الذي خلقه الله كاملا في كل صفاته البشرية التي لا حد لها… فجعله أجمل الناس خُلُقاً و أحلى الناس كلاما وأبشرهم وجها وأكثرهم شجاعة! إن كُنتُ أنا أتَساءَلُ كيف لا يأتي إليك القمر لجمالك… كيف لا أتساءل لم لا يهوي القمر على أعتاب محمد رسول الله وخير خلقه؟!
كل مليارات البشر… كلهم… في كل واحد منهم بعض الصفات الجميلة ربما… لكن في محمد كانت كل الصفات كاملة بأبهى الجمال!

إنني أحسب أن النجوم والأقمارَ كانت هكذا معلقة بالسماء لكن حين خلق الله محمدا ولكيلا تهوي هذه النجوم والأفلاكُ على الأرض خلق الله الجاذبية وقوانين الفيزياء حتى تظل الأفلاكُ في مكانها!

وإنني أحسب أن الأشجار كانت قادرة على الحركة فثبتها الله في مكانها كيلا يتصحر العالم كله حين تهوي أفئدة الأشجار إلى محمد!
وإنني أحسب أن البشر كانوا يسمعون همس الطيور وكلام الحيوان إلا أن الله منعنا من سمعهم حين خلق محمدا إذ أن كل كلامهم مدح فيه!

يقول جلال الدين رومي ما معناه أن في كل واحد منا قطرة حب تتصل بأنهار عظيمة من الحب إلى محيط الحب الهائل الذي هو الله! لا شك أن أعظم الأنهارِ الموصلة إلى الله هي نهر محمد!

يا رسول الله إننا نهواك ونهوى فيكَ الله فإن كان داؤنا عشقُكْ فلا تتفضل علينا بالشفاء فما أجمل هذا المرضَ وأحلاه!

1

في الزمن

أنت الزمن و المكانُ و من حولك من البشر و الأشياء
أنت كلهم جميعا
و حين تبدل أحد هذه الأشياء تتبدلُ أنت!
المكان أعرف كيف أستبدله
و البشر و الأشياءُ كذلك
لكن كيف أستبدلُ هذا الزمنَ بآخَر؟ قُل لي بالله عليك؟
حينَ تعيشُ الذكرى
فالزمن ثلاث أزمنة: الماضي والحاضر والمستقبل
أما الحاضر فما هو سوى بعض اللحظات… هو الوقت الذي استغرقته أنت في قراءة الجملة التي قبل هذه!
و المستقبل لا شيء فعلاً فهو خيال لا يوجد وقد لا يكون في هذه الدنيا وحياتها
والماضي….
الماضي هذا إذاً هو كل شيءو فتنقل بين ذكرياته إن شئت أن تستبدل أزمانك هذه
عش مع من كنت تحب
واستمع لصخبهم وضحكاتهم التي تملأ الأرجاء
سترى كيف يتبدل الزمن وكيف تتغير الأجواء دون اعتراف بالفصول من حولك
و سترى كيف تتبدلُ أنت!
والشرط أن لا تتحسر…. على قبلة لم تقبلها من تحب قبل الوداع! أو ميعاد أخلفته معهم!
سترى أن بعض الأزمنة لم يكن يعيبها شيء إطلاقا إلا الحقيقة أنها لا تعود! رغم أنك لم تكن تدرك جمالها حين كنتَ تعيشُها!
تخيل معي لو كان هناك جهاز تستطيع أن تحمله!
بحيث يقوم بحساب جمال الزمن الذي أنت به! جهاز يقيس كمية الذكرى التي ستبقى من الحاضر الذي تعيشه؟! ربما يكون هذا الجهاز الطريقة الوحيدة التي تجعلنا نقدر جمال ما نملك حولنا الآن!
ستتمنى يا صديقي لو عادت بعض الذكرى لتخبرها أنها نك الآن لستَ كما كنت
و تتمنى لو أن بعض الذكرى تعود لتخبرها أنها كانت أجمل ذكرى
و تتمنى لو أن بعض الذكرى تعود لتخبرها أ، من بين كل الذكرى… كانت هي أجملَ ذكرى

20140109-225043.jpg

4

العالم الذي نخفيه داخلنا والعالم حولنا

كيف تبدو الأشياء حين نراها؟

لماذا يختلف منظر كل شيء بين أحدنا والآخر؟! أعني أنني إذ أنظر لهذه النافذة مثلا لماذا يختلف معناها لي عن معناها لك؟

كيف نبسط الأشياء بهذا الشكل السخيف! حين نقول أن ما نراه هو انعكاس النور على الأشياء والتي تبصرها العين… هكذا بطريقة ميكانيكية جدا! وماذا عن دور عقولنا في إضفاء المعنى على ما نرى؟ ودور قلوبنا وأحاسيسنا وأسماعنا وماضينا والذكريات؟!

أنا إذ أراكَ لا أَراكَ بعيني فقط!

فقبل رؤيتك يحس بك قلبي ثم أشْتَمُّ رائحة الوردِ ثم أسمع غناءً من مكانٍ آخَرَ ثم تبصر عيني نورَكَ فتسري الكهرباء في خلايايَ كلها… نحو قلبي ونحو جزء المخ المسؤولِ عن العشق ونحو جزء المخ الذي يستثير آلاف الذكرى ونحو جزء المخ الذي يُفني كل وجودي أمامك ونحو جزء القلب الذي يقتلني!

كم عالما نعيش نحن! حين يرى كل واحدٍ منا الأشياء مختلفة عمن حوله؟
رباه… ما أعظم الإختلاف الذي نخفيه داخلنا عما نتحدث فيه مع الناس حتى نخفي العوالم التي داخلنا!
نحن نتحدث أمام بعضنا البعض عن عالم واحد حتى لا نُتَّهَمَ بالجنون… بينما العالم الذي بداخل كل واحدٍ منا سرٌّ لا نبوحُ به!

أنا أَراكَ جميلاً فاتناً رغم كل هذي السنين… أرى فيكَ وجهَ القَمَرْ وسطوعَ شمسِ الصَّباحْ وفَرْحَةَ وَجْهِ أمي حين أُشفى من مرضي!

وحينَ أَسْمَعُ هَمسَكَ أسمَعُ فيكَ حفيفَ الشَّجَرْ! ولماذا تضجر حين أخبرك بهذا؟

وما هو ضوءُ القمر؟ إنه حديثُ الأفلاكِ لنا كي يذكرنا من نحب!

وما هو حفيف الشجر؟
إنه حديثها لنا كي نتذكر من نحب

و من أنت؟!
أنت كل الأشياء الجميلة التي رأيتها مذ ولدت إلى يومي هذا… أنت تذكرني بها دفعة واحدة، وأنا حين أرى شيئا جميلا أذكرك! لكن لا شيء جميلا واحدا يذكرني كلك!

ماذا تقولُ حينَ أخبرك أنني لمحت أسراب الطيور المهاجرة بالأمس وهي تتشكل على حروفِ اسمك؟!

الكون كله لم يكن إلا ليذكرنا من نحب!

فلا تعجب يا حبيبي مما أقول! بل العجب أن نصم أسماعنا عن حديث الكون لنا في كل لحظة!

20131225-210034.jpg

4

Friend, don’t forget those who filled your life with life

Do trees love? I presume that they don’t, for if they do love, how could they remain standing after they loose their loved ones?

What is death? is it the disappearance of our bodies in coffins, or is it the disappearance of our memories and the mentioning of our names amongst our loved ones?

I mean what is the difference between that one who is present with you in body only and the one who is present with you in body and mind, but your mind is not attentive to him and that one that is away from you physically but your mind is always remembering him?

What is being present and what defines being away?

Those who passed away but still remembered in our talks are they really away?
We only remember those who filled our life with life! how could they be away when their memories are embedded in everything?
how could we call them away when the echo of their sound is still in the air?

I worked in the Cleveland Clinic for one year with Dr. PHILIP SCHAUER, who is one of the most successful surgeons in his generation, before moving back to Kuwait only few weeks ago. Last Wednesday Dr. SCHAUER landed in Kuwait to give talks at the first Gulf Obesity conference. Despite his long and tiring flight, he kindly accepted my invitation for dinner. It seems that nothing can kill his energy.

While we were driving in the car, he asked me whether he had told me about a Kuwaiti gentleman who stayed at their house in Fairfax Virginia in the Sixties of the last century. He went on telling me how wonderful was that young Kuwaiti, who at the age of eighteen came to the US to study English, prior to joining an Engineering school in Colorado. He was loved by the Schauer family and treated like one of their own. He had a great personality according to Dr.Schauer, that truly distinguished him. His name was Jaffar Aseeri.

While at dinner I posted a photo in INSTAGRAM of Dr.Schauer with Dr.Moosa Khorsheed who joined us, and mentioned that Dr. Schuaer would like to meet Jaffar Aseeri. I had many replies, and all were shocking.

Jaffar Aseeri received his master degree and PHD from the US before joining Kuwait University to be one of the first Kuwaitis working there. He went on to become the dean of the Engineering school at a very young age in the Eighties. He married Sawsan Almaraghi, and had two daughters, Farah (joy) and Fajer (Dawn). Then he joined Al Ain University as a visiting professor during the Iraqi invasion of Kuwait. He passed away in a tragic car accident only two months after the liberation of Kuwait.

Philip was saddened by what we found out, and insisted on meeting his small wonderful family. It was a beautiful meeting with stories about Jaffar that happened in time period unknown to them.

Could you imagine that quarter a century after the passing of your loved one, a stranger coming from a different world from overseas tells you how wonderful was your loved one half a century ago?

Whats even more incredible is that the Kuwaiti teenager went on to have a very successful career in his country, while the nine years old kid went on to become one of the most prominent surgeon of his generation!

There is no doubt that remembering our loved ones bring actual life into them
There is no doubt that death is not the death of our bodies
But death is the disappearance of our memories amongst our loved ones, therefore love is life that cant be destroyed!
Do not forget your loved ones, friend
Do not forget those who filled your life with life!