مقدمة كتابي عن عاشق لا يموت

لا شيء في الدنيا أجمل من كتاب.. إنه يحدثك طويلاً ويستمع إلى أفكارك وأنتَ تَقْرَؤه ثم يُدخلك في عالمه من دون أن يحكم عليك أحكاماً مُسبَقَة ومن دون أن يُسيءَ الظَّنَّ بكْ..
الكتاب هو المدينةُ الفاضلة والعالم الأجمل، فحين تغوص في عالمه تترك هذي الدنيا بما فيها ومن فيها.. تترك جهلها.. تترك الشر فيها.. تترك الصخب من حولك وصراخَ العابرين من حولك.. تترك نفسَكَ الشقية خارج الكتاب وتلبس نفسَكَ النقية التي ولدتَ معها حتى باعدتكَ عنها  حيل الدهر وألاعيبه وحيل البشر وألاعيبهم..
 ولا أدري لم لا يكون البشر كالكتب ولم لا نستطيع استبدال بعض البشر من حولنا بالكتب.. لكنني أدري عن الفارق بين البشر والكتب.. البشر يعشقون أن يحكموا على ما حولهم وأن يقرأوك على مزاجهم لا على مزاجك أنت.. ذلكَ أنهم يحسبون أن العالم عالمٌ واحد وأن الأشياءَ تبدوا للآخرين كما تبدو لهم وأن كل شيء فُصِّلَ على مقاساتهم هم..هؤلاء البشر يجهلون أن لكل واحد منا عالما خاصا بل أن كل واحدٍ منا عالَمٌ بحد ذاته وكونٌ فسيحٌ.. فلا يمكن أن تطبق قوانين عالمكَ أنتَ على قوانين عالمهم..

ولو فهم كل واحد منا ذلك لتغلبنا على الكثير من مشاكلنا ولنجونا من الكثير من الشر الذي حولنا.. 
لو فهم كل واحد منا ذلك لما أخفينا في أنفُسِنا.. أَنْفُسَنا.. ولأخرجنا كل ما في داخلنا للعلن.. ولعم السلام والحب والتفاهم بيننا.. إسأل نفسك الآن: كم تخفي في داخلك عن الآخرين حتى لا تتهم بالجنون أحيانا وحتى لا تتهم بالغباء أحيانا وحتى لا تتهم بمخالفة الأعراف أحيانا أخرى؟ كم تبلغ كمية القلق والحزن الناتجتين عن اخفاء ذواتنا؟! ويا ترى كم تبلغ السعادة الناتجة عن إظهار كل ما نكون؟


أضف تعليق