توراندوت

كان لملك الصين ابنةٌ بارعة الجمال.. سماها شاعر فارس الشهير (نظامي).. سمّاها ابنَةَ طوران.. حيث أن طوران أرض كانت تقع في الصين القديمة.. أظنها المحافظة التركية في الصين الآن.. كتب عنها نظامي شعراً جميلا في القرن الثاني عشر.. ترجمه المستشرقون، فأعجبتهم القصة.. حتى كتبها الفيلسوف والأديب الألماني ڤون شيلر قصة كانت تعرض في مسارح الأوپرا في أوروبا القرن الثامن عشر.. ثم لحنها لحناً جميلاً الموسيقار الإيطالي پوچيني في أوپرا سماها (توراندوت).. محرفا إياها من الفارسية (توران دختر).. بالعربية (ابنة طوران)..

القصة أن توراندوت كانت بارعة الجمال لكنها كانت من دون قلب.. كانت قاسيةً جدا حتى أنها شرطت على من يريد الزواج منها أن يجيب على ثلاثة ألغاز.. وإن أجاب الرجل المتقدم إجابة واحدة خاطئة.. أُعدِم بالسيف فوراً أمام الناس!

دخل الأمير التيموري أمام الحشود فوجد أميرا فارسيا يحاول إجابة ألغاز توراندوت فأخطأ بالجواب.. أمرت بقتله.. كان الأمير الفارسي فائق الجمال والأدب فصرخت الحشود مطالبةً الأميرةَ بأن ترحمه.. لكنها رفضت وخرجت من شرفتها لتعطي الأمر بقتله.. فَقُطِعَ رأسُه.. رأى الأمير التيموري جمال توراندوت الفاتن فأحبها من فوره.. وصرخ قائلا: أنا أُجيبُك!

وبينما هو يصرخ وإذا به يرى شيخا عجوزاً أعمى مع جارية جميلة.. كان ذلك الشيخ أبوه الذي حسب أنه مات.. فقبله واحتضنه وأفصح عن هويته.. فرحت الجارية الجميلة التي كانت مع أبيه.. كان اسمها ليو وكانت تحب الأمير لكنها لم تبُحْ بذلك! طلب الأب من ابنه الأمير أن لا يعرض نفسه للقتل بخطبة توراندوت لكن الأمير كان ملسوعاً من حية الحب!

قالت له الأميرة: استمع يا هذا للسؤال الأول:
ما هو الشيء الذي يحيا ليلا ثم يموت في الصباح؟
أطرق الأمير التيموري ثم أجاب (الأمل)!
كانت إجابةً صحيحة فغضبت توراندوت
ثم سألته:
ماهو الشيء الدافيء الذي يتلألأُ أحمراً كالنار، لكنه ليس ناراً؟
أجابها: الدماء
كانت إجابة صحيحة!
ثم كان اللغز الأخير من الأميرة:
ما هو الثلج الذي يحرق كما النار؟
أجابها الأمير: أَنتِ الثلج القاسي الذي يحرق قلبي كاللهب!
غضبت توراندوت.. وهوت إلى الأرض تحت رجلي أبيها الملك طالبةً منه أن يأمُرَ بعدم تزويجها!
لكن الملك رفض قائلا لقد قتلت خيرة الشباب وهذا رجل وفى بما تريدين، لذا من الواجب عليكِ الزواجُ منه!
لما رأى الأمير التيموري ذلك.. قال لها: حسَناً إن كنتِ لا تريدينَني.. فسأُعطيكِ فرصة.. إن جاء الصباح وعرفتِ اسمي ومن أكون فَلَكِ الحَقُّ في رفض الزواج وقتلي بالسيف!

أُسقِطَ في يَدَيْ توراندوت فجلبت مستشاريها والجواسيس.. فقال لها أحدهم أنه رأى التيموري يتحدث لرجل أعمى وجاريته!
جلبوا لها أبَ التيموري الأعمى والجارية ليو.. فرفضوا الإفصاح عن من يكون التيموري.. فعذبتهم.. ثم رفضوا مرة أخرى.. فعذبوهم عذاباً شديدا.. فرفضوا مرة أخرى..

فعذبت توراندوت بنفسها الجارية ليو.. وسألتها: لماذا ترفضين الإفصاح عن اسمه؟
قالت ليو: لأن في قلبي شيئا لا يمكن لمثلك أن يعرفه.. إن في قلبي الحب له.. وأنت مسلوبةٌ من الحب والرحمة!
غضبت توراندوت غضباً جمّاً من إجابةِ ليو.. فَقَتَلَتْها! ثم ندمت ندما عظيماً!
علم الأمير التيموري بذلك فاتجه إليها.. نظر في عينيها فشعرت شعوراً غريباً.. قال لها: سأجعل نفسي تحت رحمتك فإن أعلنت اسمي أمام الناس تستطيعين قتلي إن شئتِ وإلا فالزواج.. اسمي كَلافْ الأمير التيموري..
ولما جاء الصباح.. وقفت توراندوت من على شرفتها أمامَ الجُموع وقالت: إنني أعرف اسمه!
أركَعَ الحراس الأميرَ التيموري استعدادا لقطع رأسه حالما تجهر الأميرة بالإسم!
اشرأبَّتْ أعناقُ النَّاسِ نحو فم الأميرة توراندوت لسماع اسم الأمير!

فصرخت توراندوت: إن اسمَهُ الحب! إنني أحبَبْتُهُ فذابَ السَّوادُ من قلبي!

4 آراء حول “توراندوت

  1. مدونه رائعه تزخر بكل ما هو ممتع بالتوفيق وفي الانتظار للمجموعة القصصية

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s