موضوعٌ ممل جدا.. فلسطين

كنتُ سأكتب الليلة عن أي شيء إلا ما سأكتب عنه في السطور التالية.. لكنني خفت أن أُساءَلَ يوماً ما.. أنتي كتبت عن كل شيء.. عن السماء والأرض والوجوه الجميلة المُوَرَّدة ولم أكتب عنها!

الأشياءُ التي نفعلها.. كل شيء تفعله له أسبابٌ تستطيع أن تشرحها للآخرين.. لكنك إن بحثت بعمق.. إن بحثتَ في قاع نفسك.. في الأماكن التي لا يصلها الضوء والأماكن التي لا يعلم عنها أَحَدٌ شيئاً.. إن بحثت في تلك الأماكن ستجد شيئاً مكنوناً.. سراًّ قد يبدو صغيرا في البداية.. لكن ذلك السر فعلا هو الدافع الحقيقي لما تفعل.. كل ما هنالك أنك لا تستطيع البوحَ به أحياناً وأحياناً أخرى لا تستطيع التعبير عنه.. وهكذا كل شيء في الحياة يجري لسر مكنون.. هل يعلم الشجر لم يُثمِرُ بعضه صيفا كالنخيل ويثمر بعضه الآخر في الربيع؟ هل يدري الشجر لِمَ يُثمِر؟! حين تفكر في تلك الأسئلة قد تبدو لك أسئلةً مملة.. لكنها واقعاً تُجيبُكَ عن حقيقة الأشياء!

والقدس وفلسطين يا صديقي أصبح موضوعا مملا جدا.. مللنا الحديث عنه.. لأننا كلما تحدثنا عنه لا نفعل شيئا..
القدس سر أمتنا وسر أمم الأرض كلهم.. ألا ترى أن أكثر الأشياء سرا وغموضا ورمزية في ديننا كان معراج الرسول منها؟ إن سر الإنسان وحقيقته تتجلى في رسول الله وإن سر الأرض في القدس.. فكانت هي مجمع أسرار الإنسان والأرض! كيف يفرط أيا كان بمفاتيح الأسرار كما فرطنا نحنُ فيها؟!

هل تدري يا صديقي أن نيوتن العالم الشهير بعد اكتشافاته العظيمة ترك علم الفيزياء وكل العلوم ثم أفنى بقية حياته في دراسة القدس من كتب العهد القديم والجديد حتى يكتشف موعد ظهور المسيح وموعد نهاية الأرض؟! وهل تدري أنها من تحرك سياسات العالم الحديث، إذ أن من يسيطر على عالمنا اليوم أمريكا ومن يسيطر عليها هم اليمينيون المسيحيون الذين يؤمنون أن مسيحهم لن يخرج إلا إذا كانت محتلة من اليهود؟! هذا كلام لم أقرأه وإنما عشته وتناقشت فيه معهم حين كنت أعمل في الولايات المتحدة!

وإنها اليوم محل اختبار الإنسانية حيث تتحطم أمامها كل ادعاءات المدنية الغربية الحديثة.. هذه المدنية التي لا تقيم لدمي ولا لدمك وزناً.. ها أنت ترى ذلك كل يوم أمام عينيك على وجبة فطورك الذي تزدحم بالأطعمة كما تزدحم فلسطين اليوم بالدماء.. وها أنت تسمع ذلك بأذنيك من مذياع سيارتك الفارهة التي تزدحم بالرفاهية كما تزدحم فلسطين اليوم بالصراخ!

أدري ان موضوعي الليلة ممل جدا وأدري أن البعض ربما ترك قراءة هذا المقال إذ سمع كلمة فلسطين.. لكنك يجب أن تهتم بها.. فإننا وإن لم نحررها فإن موعد دخولنا مرة أخرى مسألة وقت.. سيخرج من أصلابنا رجالٌ ونساءٌ أكرمَ منا.. سيحررونها.. لكنهم سيلعنونا يوماً إن قرأوا ما كنا نفعل حين كانت تغص بالموت والدم ولعب الأطفال المحطمة والقلوب المحطمة..

القدسُ يا صديقي سر وجودك.. إنها السر الدفين الذي أوجدنا وأوجد هذه الأمة.. فلا تغض الطرف عنها.. إنها محل النفس في نفسك!

رأي واحد حول “موضوعٌ ممل جدا.. فلسطين

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s