الجراح الذي أجرى العملية لنفسه بنفسه!

الجراحة بيئة قاسية لذلك فإنها تصبغ من فيها غالبا ببعض الصرامة المهمة جداً في مثل هذا التخصص لأنه يتعامل مع قرارات تحتاج التدخل السريع وقرارات قد تؤدي إلى الموت بدقائق! الجراحة أقرب تخصص طبي للعسكرية ربما! وقد يكون قناع الصرامة هذا مصدر انطباع الكثيرين عن غرور بعض الجراحين الذي هو ليس غرورا بقدر ما هو قناع يخفي المشاعر الداخلية!
الجراح ليونيد روغوزوڤ كان جراحا شابا في القطب الجنوبي مع فريق بحثي في الإتحاد السوڤييتي السابق بقاعدة نوڤولازاريڤسكايا! كان يبلغ من العمر سبعة وعشرين عاما فقط! وفي أحد ليالي الخريف العاصفة بدأ يحس بألم خفيف وسط بطنه! فشرب شرابا حارا ونام عل الألم يختفي في اليوم الذي بعده!
لكن وطأة الألم ازدادت واتجه الى الجزء السفلي الأيمن من بطنه وصاحب هذا الألم حرارة واستفراغ! شخص الجراح روزوغوڤ مرضه أنه التهاب الزائدة الدودية! المصيبة أنه الطبيب الوحيد في هذا الفريق! وإذا ظلت الزائدة هذه من دون علاج فإنها ستنفجر مطلقة كمية من البراز في البطن مؤدية لتسممه!
في تلك الليلة كتب روزوغوڤ بمذكراته:
(عاصفة ثلجية شديدة بالأجواء وكأنها تعصف بداخل روحي! ليست هناك أعراض على أن زائدتي انفجرت حتى الآن! لكنني يجب أن أجد حلا لمشكلتي هذه وإلا كان الموت مصيري… هناك حلان إما أن أستسلم وإما أن أجري العملية بنفسي لنفسي! ادري أن هذا محال! لكن لا وسيلة للنجاة سوى بذلك!)
في اليوم التالي ازدادت حالته سوءا… فأخذ يفكر بإجراء العملية لنفسه! لكنه ان فشل بإجرائها فقد يموت! كيف إذا فتح بطنه ثم لم يستطع إكمالها؟
حزم أمره بإجراء العملية!
بدأ العملية في العاشرة ليلا فجعل السائق يقبض بمرآة تعكس بطنه بينما ينظر هو بالمرآة ويجري العملية! عاونه بشد بطنه ثلاثة علماء بالمناخ وليس أطباء!
لم يستطع تخدير نفسه إلا قليلا ثم قطع جلده بالسكين وغاص قاطعا لعضلات البطن ثم أدخل إصبعه في بطنه باحثا عن الزائدة الدودية بالإحساس فقط! أحس بتعب شديد فأخرج يده وارتاح لبضعة دقائق!
كان الخوف والقلق والموت يملأون الأجواء!
أدخل إصبعه مرة أخرى وبحث حتى وجد الزائدة فقطعها! ثم خيط الجرح واستسلم للنوم!

شفي روزوغوڤ بعد يومين من المرض الشديد والتقط الصورة هذه مع البطريق أسبوعا بعد العملية التي أجراها لنفسه!

وكتب عن عمليته:
( لم أسمح لنفسي أثناء العملية بالتفكير في أي شيء آخر سوى إتمام المهمة! كنت مضطرا أن أسرق نفسي وأسرق وجودي لأضعه فقط في هذه العملية)

أما أنا فأقول أننا في الحياة دوما نمر بمثل هذه التجارب حين نضطر أن نستخرج الشر من نفوسنا! كم هي مهمة مستحيلة حين تجري جراحة نفسك بنفسك! أفلح من استطاع إخراج الشر من نفسه وفاز بالنجاة والخلود! فاسرق نفسك من نفسك يا صديقي تنجو!

رأي واحد حول “الجراح الذي أجرى العملية لنفسه بنفسه!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s