إن الدموع لا تُرجِعُ أحدا

لا بد أن تعتاد على ألم الفراق، ذلك أنك ستَفقِدُ كُلَّ من تُحِب… أعني كلهم جميعا!

فإن رحلوا قبلك ستفقِدُهُم و إن رحلت قبلهم ستفقِدُهُم بشدة أكثر!

و ما شروق الشمس بجلالها وجمالها ثم غروبها إلا لِتُخبِرَكَ بذلك! أن كل شيء في هذه الدنيا إلى فراقٍ أو وداعٍ أو زوال! سمِّهِ ما شئت!

وحين أعني أن تعتاد ألم الفراق لا تعتقد أنني أعني أن تنسى من رحل كُلًِّيا! فأنت لا تستطيع ذلك لأنك إن حزنت لرحيل من تحب فأنت تحزن لفقدان جزءٍ منك! ستظل تحس فيه كالذي بُتِرَت ساقُه! هو يحس بوجودها بل حتى بآلامها رغم أنها مبتورة! وحتى إن نسِيَ عَقلُكَ من رحل فإن روحَكَ لن تنسى ذلك أبدا! فَحينَ تنام يتنزل هذا الألَمُ على قلبِكَ دون أن تشعُر حيث أن النوم وقتُ استيقاظِ الأرواح التي لا تنسى!

يقولون أن كل شيءٍ قابِلٌ للتعويضِ في هذه الدنيا إلا الوقت! كيفَ ذلك وأَنتَ تُحِسُّ أنك لن تستطيع أبدا تعويضَ حبيبِكَ الذي رَحَل؟! الإجابَةُ هي أنك لا تفتقده هو بالضرورة لكن تفتقد الوقت الذي كنت تقضيه معه والوقت الذي مضى هباءً حينَ كُنتَ معه… فلو قُدِّرَ لَكَ أن تستَرجِعَ ذَلِكَ الزَّمَن لَأَفنَيْتَهُ فيمن تُحِب! في نَظَراتِكَ في عَيْنَيْه أو استماعِكَ لكل ما يتفوه به حتى وإن خالَفَك! و لو أعطاكَ الله من الأمرِ شيئا فَلَرُبَّما رَجَوتَهُ أن تكونَ ظِلَّه! أو غَيمَةً لا تُفارِقُه أو شُعاعَ الشَّمسِ الحانِيَةِ على جَفْنَيْه!

و إنني يا أخي أعتَذِرُ لكَ من قولي عظم الله أجرك! فما أسهَلَ تَمْتَمَتي بهذه الكلمات التي لم تكن تَحسَبُ أنها سَتُقالُ لَكَ في هذه السنة و لربما حَسِبتَ أنها لن تُقالَ لَكَ أبدا في أُختِكَ التي تَصغُرُك! وأعتَذِرُ لَكَ ولَها ولزوجها وأبويكما والجميع عن كل أمَلٍ بِعتُهُ لكم! إن هذا الموتَ لا يعتَرِفُ بالأمل ولا ببائعي الأمل ولا بالسنينَ الطويلةِ التي كانت سَتَعيشُها! لكن العزاءَ الحقيقي أنها رحلت كما يرحل الأبطال وأنكم قمتم بواجبكم رغمَ انكِسارِ قلوبكم وظهوركم كما يقوم به أشجع الناس وأكثرهم عشقا وحبا لفلذات أكباده!

لا تحزن فقد قالتها لكم: إن الدموع لا ترد أحدا!

3 آراء حول “إن الدموع لا تُرجِعُ أحدا

  1. مشكور دكتور على هالكلام اللي يدخل القلب
    انا خسرت امي الله يرحمها..ويرحم جميع موتى المسلمين
    وفعلا هاي شعوري”ستظل تحس فيه كاللذي بترت ساقه” ..
    هالمقال صارلي كم يوم اقراه كل شوي
    داخل قلبي وايد..
    الله يعطيك العافيه

  2. صحيح إن هذا الموت لا يعترف بالأمل
    كلماتك رائعة و واقعية
    فالموت حقيقة لا نستطيع الهروب منها ولكن الذي يقتلنا هو الحنين

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s