لماذا كان قرار منع التكميم خاطئا؟

قلت له إن احتمال موتك مرتفع بعض الشيء
أنت لست كأي مريض بالسمنة
أنت مقعد بهذا الفراش لخمس سنوات لم تتحرك منه إطلاقا!
إن سمنتك مفرطة جداً
آه لو أتيت إلينا قبل أن تصل لهذه المرحلة حيث لا تستطيع أن تتحرك إطلاقا! لكانت عمليتك شربة ماء!
رد قائلا
حضرة الطبيب
حذروني من هذه العمليات فخفت منها حتى وصلت لهذه الحالة! حتى ظلت ابنتي تلازمني كممرضة لسنين خمس! لدي القدرة على جلب ممرضات بحر مالي وقد قمت بذلك فلم ترض ابنتي! هي تعتني بي وتقبض على يدي وأنا الذي عوضا عن القبض على يدها لأخذها لعريسها ليلة زفافها كنت السبب في انشغالها عن الزواج!
حضرة الطبيب افعل العملية ولا تبالي فالأمر بيد الله!

عندما تأتي الفتاة بعمر وردٍ لم تتفتح كل أوراقه و هي معذبة لسنين أربع بألم يومي بعد عملية سمنة راجعت خلالها عشرين طبيبا فلم يعرفوا لألمها سببا فقالوا لها:
عزيزتي انه بعقلك فقط
فكادت أن تجن
حتى ذهبت لمركز سمنة متخصص فاكتشف الداء واستأصله

هذه القصص المؤسفة لم تكن لتحدث لو كنا نجري عمليات السمنة على أصولها! أو لو كنا نعي كمجتمع أن السمنة داء خطير وعملياتها ضرورة أحيانا وليست تجميلا أو ترفا!

هذه القصص المؤسفة لم تكن لتحدث لو وضعنا بوصلة الطب أمامنا! وبوصلة الطب تشير دوما الى الشمال الحقيقي وهو مصلحة المريض! يجب علينا وضع مصلحة المريض فوق كل اعتبار وإلا سنضيع تائهين!

عندما تحدث المضاعفات من عمليات السمنة هنا بأمريكا يرسلون الحالات إلينا في كليفلاند كلينيك حيث يجب أن يكون لكل تخصص مراكز فوق العادة تهتم به!

المشكلة في الكويت ليس بعملية التكميم أو عمليات السمنة وليست بالجراحين بل بسوء التخطيط في التعليم الطبي وفي الرقابة الذاتية وفي الخدمات!

فيجب أن تحدد المراكز التي يسمح لها بإجراء عمليات السمنة
ثم تقسيم أنواع عمليات السمنة فبعض المراكز قد تجري بعض العمليات وليس كل العمليات
ثم يجب توضيح من هو الجراح الذي سيسمح له بإجراء عمليات السمنة

لكن هذه التقسيمات للمراكز وتحديد الجراحين الذين يستطيعون إجراء هذه العمليات إجراء روتيني متبع في كل التخصصات في الدول المتقدمة بينما لا زلنا في الكويت على النظام العتيق في جعل الجراح العام يجري كل عملية تخطر بباله! من هنا جاء اعتراضي على قرار منع عمليات التكميم حيث أنه يظل قرارا لا ينطلق من رؤية استراتيجية او رؤية إدارية بل هو قرار من شاكلة قرارات (إذا جاءتك الريح من هذا الباب أغلقه وعش مرتاح البال)
يا سيدي إننا نحتاج هذا الباب
إن لم نجعله مفتوحا سننغلق وتبقى هنا أنا وأنت نحدق في أعيننا ثم نمل دون نتيجة!

الحل الأشمل هو في تصنيف المستشفيات! خذ عندك النظام الألماني هناك ثلاث أصناف لمراكز علاج السمنة:
-مركز ممتاز وهو الذي يحتوي على عدد معين من الجراحين المتخصصين بالسمنة يفوق الثلاثة و لديه كل التخصصات المساندة من تغذية وطب نفسي وبطانة وإنعاش كما ان عدد العمليات بالمركز كثير جداً بالمئات ويقوم جراحوه بعمل كل عمليات السمنة وليس التكميم فقط! هذا المركز يستطيع علاج كل شيء وذلك مهم لإيجاد الخبرة للعمليات التي تفشل في باقي المراكز ولإيجاد الخبرة في علاج المضاعفات
-مركز تحويل وهو الذي يشابه المركز الممتاز لكن يقل عنه في عدد العمليات وخبرة الجراحين
-مركز عادي وهو الذي يحتوي جراحا واحدا و عدد عملياته قليل

هذا التصنيف مهم جداً للمريض حيث سيعرف حين يقدم على العملية مدى خبرة وقوة المستشفى! كذلك تقوم كل المستشفيات بتسجيل مضاعفاتها ونتائجها وإرسالها لهيئة عامة مراقبة!

من ناحية أخرى يجب تحديد من يسمح له بإجراء العملية! فلا يسمح بإجراء العملية إلا لإثنان:
-من لديه شهادة زمالة سمنة: يسمح له بإجراء جميع عمليات السمنة
-من لديه إثبات انه تدرب على عملية معينة كجدول موثق يبين مثلا إجراءه لخمسين عملية تكميم
فالجراح العام يستطيع إجراء عملية التكميم حيث لا تعقيد فيها ان اثبت انه تدرب عليها! ومن يجري عملية التكميم فقط هو ليس جراح سمنة!

وهذا يستدعي إنشاء برنامج لتدريب الجراحين بالكويت على زمالة السمنة فحاليا لا يوجد إلا اثنان او ثلاثة كويتيون ممن لديهم زمالة سمنة وصادف ان كنت أحدهم لذلك يعنيني هذا الموضوع. ذلك لا يعني المساس بجراحي الخبرة فخبرتهم اهم من الزمالة لكن هذا التنظيم يجب ان يطبق على الجيل الجديد من الجراحين.

إذا النتيجة التي نريدها هي أن بدر عندما يرغب في إجراء عملية سمنة فإنه سيذهب لمستشفى مبارك مثلا حيث انه مركز ممتاز لديه فريق متكامل ووحدة متخصصة بالسمنة ومضاعفاتها ويختار الجراح الذي تدرب مسبقا على العملية وإذا حصلت مشكلة لبدر فستوثق وستحسب سنويا نسبة المضاعفات وتدون في سجل خاص بذلك! النتيجة هذه يجب ان نسعى لها في جميع التخصصات الجراحية فيجب إيجاد وحدة قولون ومراكز امتياز للقولون والكبد والبنكرياس والحوادث وهلم جرا! هكذا تكون قراراتنا استراتيجية وفق رؤية واضحة! فهناك عمليات أخطر من التكميم عشرات المرات يقوم بإجرائها من لا يفهم فيها!

ختاما تعلمنا من تاريخ الطب ان السياسيين لا يمكنهم تنظيم عمل فني كالجراحة فالتنظيم والرقابة في فن رفيع كالجراحة يجب ان يكون ذاتيا وقد آن الأوان لإنشاء نقابة جراحين تنظم عملهم وتحدد القوانين واللوائح لإجراء العمليات كما هو متبع في كل دول الطب المتقدمة!

رأيان حول “لماذا كان قرار منع التكميم خاطئا؟

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s