العشق والطائفية

يتحدث الناس عن العاشقين عن عنتر فارس الفرسان الذي فعل كل بطولة لا لشيء إلا ليزوجونه من محبوبته التي هي من لحمه ودمه بالأساس ابنة عمه!

لكن قصة العشق الأسطورية التي يتحاشى الكثيرون الحديث عنها أو قد لا يلتفت الكثيرون لها هي ما تحدث بداخل كل واحد منا كل يوم! هي عشقنا لأنفسنا!

نحن مستعدون أن نفعل كل شيء لنرضي هذه النفس ونشبع شهواتها! حتى إن أدى ذلك لقتل أرواحنا وأجسادنا!

هي آلهتنا التي نصلي إليها ونذكرها ليس خمس مرات فقط بل في كل حركة وسكنة من سكناتنا! نحج إليها ليس مرة بالعمر فقط بل هي كعبتنا التي نطوف حولها في كل حين!

قيسٌ قبل الجدار الذي ضم ليلى! نحن نحب كل شيء له أي علاقة بأنفسنا! نحب أهلنا ومن يحمل اسم عائلتنا حتى لو كان بعيدا لم نره أبدا! نحبه لا لشيء إلا لإرتباطه بنا!
نعشق من يشارك نفسنا الفكر والدين! الدين نفسه كاملا ولو اختلف معنا مقدار بمعشار معشار واحد بالمئة لكرهناه!

نعم أيها السادة نحن الآن نعيش ذروة العشق في الوطن العربي وعالم الإسلام! الطائفية التي تشاهدونها هي ليست سوى نتيجة لرهافة أحاسيسنا ورقة مشاعرنا وفرط عشقنا لأنفسنا! والعشاق مجانين بطبعهم ومع جنون العشق يزول العقل وكل ماله صلة بالعقل! نحن بهذا الزمن فقنا عنتر فروسية! نقتل من يخالفنا العقيدة ننتحر لنقتل من يخالفنا معشار معشار العقيدة!

لا… أُسكت قِف عن الكتابة! دعني أوضح لك محمد!
الإختلاف بالعقيدة أكبر من ذلك بكثير! ليس معشار معشار! سأعدد لك ألف ألف فرق!

عزيزي

بَسِّطُ الأشياء! أنظر الى الغابة ولا تنظر الى تفرعات أشجارها حتى لا تبتلعك هذه الغابة!

في الطب من لا ينظر الى أساس الأشياء يصبح طبيبا سفاحا! الطبيب الذي يُشاهد الأعراض ولا يبسطها يتحول الى قنبلة نووية تمشي على الأرض!

الاختلاف بين جينات القردة وجيناتنا نحن ليس أكثر من واحد بالمئة! الناس كلهم إخوانك فإما أخ لك بالدين وإما أخ لك بالإنسانية! أُخرٌج من فقاعة نفسك لترى أننا جميعا واحد! أنا وأنت ومحمد العريفي والدالاي لاما و الناس بأدغال أفريقيا كلنا واحد! لأن الله الذي خلقنا أهدانا ذات العقل بذات الفطرة بذات الأحلام! لكن العشق للنفس دمر كل شيء!

هذه الحساسية الشديدة من كل ماله علاقة بما يخالفنا بالدين من أين جاءت إن لم تأتي من العشق الغبي المجنون لأنفسنا؟! أصبح الإنسان يُخفي إعجابه بحكمة قالها فلان أو شعر قاله فلان حتى لا يُتهم بأكثر التهم شيوعا في الزمن الرديء هذا! تهمة الطائفية التي أصبحت فاكهة المواسم كلها بل أصبحت كالقهوة تأتي بكل حجم وعلى أي هيئة باردة أم حارة! مع سكر أم بدونه! عربية ونجفية وأمريكية وتركية! فراباشينو كاباتشينو ماكياتو هالف لاتيه سكيني لاتيه! اللي تبي موجود!

يا ليتنا نعامل بعضنا البعض كما عامل المسلمون الأوائل الكفار! لم يكرهوهم بمقدار كرهنا لأبناء ديننا الواحد! بل رغم تنكيل الكفار بالرسول وآله وصحبه وفعلهم به ما لم يُفعَل بنبي قبله، دخل مكة وظفر بهم فلم يقل شيئا إلا… اذهبوا فأنتم الطلقاء!
لا أعتقد أن هناك موقفا يمتليء رحمة وعطفا وعفوا و ترويضا للنفس بالتاريخ كله يفوق موقف الرسول بفتح مكة!

نعم بلغت الأمور من السوء حتى فاقت معاملة المسلمين الأوائل للكفار معاملتنا لأبناء ديننا حُسناً!

ولا أجد تفسيرا لذلك سوى عشقنا لذواتنا الذي جعلنا ننحدر لمستوى من الجنون والجهل والغباء لا مثيل له في أي تاريخ!

مبروكين كل رجالنا تعنتروا وكل نسائنا تعبلوا!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s